“الذاكرة اللبنانية” وانفجار وتشييع مخيّم برج الشمالي
خاص ليبانون نيوز
الخوف والقلق اللذان دهما قلوب أهالي مخيّم برج الشمالي في صور، مساء الجمعة الماضي، طرقا أيضًا ولو بدرجة أقل قلوب من يسكنون في المناطق المحيطة بالمخيّم.
ففي الوقت الذي كان أهالي المخيّم يعيشون حالة هلع ممّا يجري، كان سكّان المناطق القريبة يعانون من اضطراب إحياء “الذاكرة الجماعية الوطنية”.
في اللحظات الأولى وقبل أن يحدث الانفجار الذي انبعث منه الضوء، سمع سكان المناطق المجاورة أصواتًا متوالية لمجموعة انفجارات، أيقظت ذاكرتهم بالجزء المتعلّق بالحروب الإسرائيلية، وكان التخوّف والتحليل الأوّل لما يجري: قصف إسرائيلي.
هو القصف الذي دائمًا ما يُهدّد بلدهم به والذي يعتبره العدو “مسألة وقت”، فمن البديهي أن يخطر إلى أذهانهم سريعًا، كما يحصل دائمًا مع كل توتّر حدودي يُعيدهم إلى الخسائر التي تكبّدوها خلال الحروب من أرواح وحجارة وأرزاق.
لكن بعد خروجهم إلى الشرفات والنوافذ لمعرفة مصدر هذه الأصوات، رأوا ضوء الانفجار ودخانًا يتصاعد من المخيّم. هنا أحيت الذاكرة الجزء المتعلّق بانفجار 4 آب، الانفجار الضخم الذي سبقه انفجار آخر أخف وطأة. هنا تذكّروا المشاهد المرعبة، دمار ودماء وضحايا وجرحى، واعتراهم الخوف أكثر ودخلوا بيوتهم وانتظروا الانفجار الثاني الأكبر!
أمّا اليوم، ومع تشييع الشاب الذي قضى في الانفجار والذي تحوّل إلى إشتباك بين عناصر من حركة فتح وآخرين من حماس، كانت الذاكرة في حالة استرجاع أحيانًا لاشتباكات الأحزاب اللبنانيّة التي “يزخر” بها التاريخ اللبناني، وأحيانًا أخرى لمصائب عادة الرصاص الطائش في الأفراح والأتراح، وهي التي دائمًا ما يذهب خلالها ضحايا في الشوارع وداخل المنازل.
للأسف، هكذا أيقظ مخيّم البرج الشمالي الذي يُعتبر هادئًا أمنيًا مقارنة بمخيّمات أخرى كـ”عين الحلوة” و”نهر البارد”، خلال يومين، ذاكرة اللبنانيين لأحداث لبنانية مريرة.
وما هو مؤسف أكثر أنّ هذه الذاكرة يُضاف إليها مزيد من الصور والمشاهد المخيفة لتتنوّع بين حروب واغتيالات وانفجارات واشتباكات وانهيارات وفقر وجوع وذل وفراق.. وكل ما هو بشع.
