احتفالات الاستقلال.. والفراغات

خاص 23 تشرين الثانى, 2021

كتبت

Aya Hamdan

كتبت بشرى الوجه لـ”ليبانون نيوز”:

الاحتفالات بذكرى الاستقلال في لبنان، في السنوات الثمانية الأخيرة، كانت خير شاهدٍ على سياسات التعطيل التي بدأت بالفراغ الرئاسي الذي دام سنتين ونصف كرمى لعيون “الجنرال” وحلمه بالرئاسة الذي ومنذ تحقيقه يعيشه اللبنانيون ككابوسٍ لا ينتهي.

الاحتفال بذكرى الاستقلال في عامي 2014 و 2015، غاب عن لبنان للمرّة الأولى منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990، وذلك بسبب “المساعي” التي كانت قائمةً بهدف تحويل اللقب من “الجنرال” إلى “فخامة الرئيس”، وهو اللقب المقدّس الذي إن نسيت استخدامه قد تُطرد من “قصر الشعب”.
الإحتفال بالذكرى 73 لاستقلال البلاد عاد عام 2016 ، بعدما انتُخب الرئيس عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأوّل بعد الفراغ الرئاسيّ الأطول في تاريخ البلاد. وقتها كان الرئيس سعد الحريري رئيسًا مكلّفًا لتشكيل الحكومة.
في تلك الفترة، كان تأثير الطبقة السياسية على الشارع اللبناني لا يزال قويًّا، فكانت الأجواء الإيجابية تُشاع إلى حدّ فتح الدوائر المغلقة والأبواب المقفلة على حراكٍ جديد، حتى صدّق الكثير من المواطنين هذا النفاق السياسي، وتأمّلوا بانطلاقةٍ سياسيةٍ جديدة!
وكانت مفاجأة الذكرى الـ74 للاستقلال، تقديم الحريري استقالته من السعودية في 4 تشرين الثاني 2017، ليحضر الحفل الرسمي في 22 تشرين الثاني ضائعًا بين رئيسٍ مستقيلٍ ورئيسٍ متريّثٍ، ليعود ويتراجع عن استقالته رسميًّا، بعد شهرٍ من إعلانه الصّادم.
صورة الفراغ الحكومي التي شهدها لبنان عامي 2016 و 2017، استمرّت عام 2018، مع وقوف الحريري من جديد إلى جانب عون كرئيسٍ مكلّف، خلال العرض العسكريّ بمناسبة عيد الإستقلال الـ75.
أمّا احتفال عام 2019، فقد شارك فيه الحريري كرئيسٍ مستقيلٍ مرّةً جديدةً بعدما استقال بعد 13 يوماً من احتجاجات 17 تشرين الأوّل، حيث اقتصر الاحتفال الرسميّ بعيد الاستقلال حينها على عرضٍ عسكريٍّ رمزيّ.
عام 2020، كان الحريري رئيسًا مكلّفًا خلال احتفال الاستقلال، وكانت مدّة الفراغ الحكوميّ بعد تقديم الرئيس حسان دياب استقالته هي الأطول.
أما أمس فكان الرئيس نجيب ميقاتي في حفل الاستقلال الـ78 البائس، رئيسًا لحكومةٍ معطّلةٍ، عاجزةٍ وضعيفةٍ في نهاية العهد القويّ بفراغاته.. بعد كسر الأرقام القياسية في الفراغات الحكوميّة.
وكعادته، حاول الرئيس عون في خطاب الاستقلال، تبرئة نفسه وإلقاء مسؤوليّة هذا التعطيل المتعمّد لتشكيل الحكومات على اختلافها على خصومه، متجاهلاً تجاوزاته الدستورية التي فاقت كلّ الحدود، ومتناسيًا دور صهره جبران باسيل بالتدخل وفرض بدعٍ ومعاييرٍ غير دستوريةٍ بهدف التعطيل.
ويبقى الخوف أخيرًا من تلك التلميحات بحصول فراغٍ رئاسيٍّ جديد بعد نهاية ولاية عون والاستمرار في خلق البدع والتفنّن في سياسات التعطيل… فتكون النهاية كما البداية كما مغامرة الرئاسة بأكملها!