17 عاماً ولم ننسَ رفيق لبنان!

كتبت كارول هاشمية لـ”ليبانون نيوز”:

في 14 شباط 2005، شهد لبنان زلزالًا هزّ العالم بأسره، إذ اغتيل الشهيد رفيق الحريري.
17 سنة مضت على الاغتيال، لبنان الذي نعرفه تغيّر وكأنّ هذا البلد كان مستنداً باقتصاده وعلاقاته إلى رجل واحد.
كلّ يوم، ومع كل مأزق سياسي واقتصادي ووطني يدرك اللبنانيون هول الخسارة.
فقد رحل من قال “ما حدا أغلى من بلده”، ومن بعد ما أغرق أولياء الصفقات البلد كُرمى لحساباتهم الضيقة.
رفيق الحريري رحل، هذه الحقيقة، ولكن ما صنعه وأفسده المخربون بعد استشهاده سيبقى محفوراً في ذاكرة كل لبناني وعربي.
فهو رجل كان كالصخرة التي تحمل وطناً، تحمله بعيداً عن الطائفية والحسابات الانتخابية.
هو الذي جعل العلم منارته وهدفه فأعدّ أجيالاً بالحبر والقلم.
لم يسخّر التعليم لصناديق الاقتراع فكانت المنح التي يخصصها تذهب لكل من يستحقها حتى لو كان في السياسة خصماً.
ببساطة هذا هو رفيق الحريري، هذا هو الشهيد.
في عهده أصبح لبنان قبلة السياحة ومستشفى الشرق، وكل القطاعات أزهرت حتى لقبت بيروت بباريس العرب.

كان الحريري “بي الفقير” لم يغلق بابه يوماً ولم يرجع سائلاً، وكم هو شاسع الفرق بينه وبين من أطلق على نفسه “بي الكل” فكان “بيّاً” لفئة وأوصل الجميع بأنانيته إلى جهنم.
رفيق الحريري لم يتحدث يوماً مذهبياً وكان لبنانياً لا سنياً، فالتفت حوله كل فئات الوطن وسقطت لغة الأقلية والأكثرية والعد، هي اللغة التي أعادتها الثقافة الباسيلية الضحلة.

اغتيال الحريري كان في لحظة مفصلية، فجاء اغتياله مؤسساً لربيع لبناني نتج عنه الانسحاب السوري.
اغتيال الحريري الذي هدف لاغتيال لبنان، انقلب على المجرم، فخسر هو، وبقيت شعارات الحريري تتردد في الأصداء.
كيف لا، والشهيد هو الذي نادى بالسيادة وبالحرية وبمقاومة وطنية.

غير أنّ اغتيال الحريري وإن أخرج المجرم، إلاّ أنّه أعاد لبنان 100 سنة إلى الوراء.
ببساطة منذ ذلك التاريخ لم يعد هناك مَن يضع حجراً فوق حجر، كل شيء تدمّر واللبنانيون فقدوا الأمل، بعدما خسروا رجلاً قدّم وطنه على نفسه.
.
بعد 17 عاماً أدركنا كم كانت عملية اغتيال الحريري معقدة، فاغتياله إنّما كان مشروعاً لضرب لبنان واقتصاده وأمنه.

برحيل رفيق الحريري خسر لبنان قامة وطنية وعربية ودولية، فتحوّل من الحضن العربي إلى الإيراني بسبب حزب الله.
ومَن قتل رفيق الحريري، أراد عملياً تغيير المعادلة الداخلية في لبنان وتحويل البلد إلى رأس حربة في مشروعه التوسّعي.

هذا الواقع يدفع اللبنانيين إلى السؤال الدائم: ماذا كان سيفعل رفيق الحريري لو كان على قيد الحياة؟ هم من كانوا يرددون عند إشتداد الأزمات: «بكرا الحريري بحلها».

17 عاماً ولم ينسَ لبنان رفيق الحريري ولا المحطات التي عاشها كثيرون معه ولا الرفاهية والرخاء.
17 عاماً وبيروت ما زالت تبكي على من بناها وعشقها وجعلها عروس المدائن.

17 عاماً، وكل يوم ندرك كم كانت فاتورة الاغتيال باهظة علينا وعلى لبناننا!