حكومة ميقاتي زيّ ما هي!

كتبت
Aya Hamdan
كتب طوني فرنسيس في “نداء الوطن”:
لم يعد للتسميات الدستورية معنى منذ أن أُطيح بالدستور. استشارات مُلزمة باتت مثلها مثل غير المُلزمة، الميثاقية تصبح خطاً أحمر لا يجوز خرقه حيناً وورقة تين أحياناً أخرى كثيرة، فيجري نزعها برعونة من دون التفات الى مواقف مبدئية سابقة هددت بالويل والثبور وعظائم الأمور لو تم عدم احترام الحضور التمثيلي لفريق من فرقاء الطوائف. المهل والمواعيد لا تحترم ويستسهل التلاعب بها، ثم الانتخابات النيابية هذا التعبير الافضل عن النظام الديمقراطي البرلماني، تحصل وكأنها لم تحصل، فلا أكثرية ولا أقلية ولا سلطة ولا معارضة، اذ ان امورهم يجب ان تبقى شورى بينهم بقيادة صاحب الأمر.
حديث التشكيل والمشاركة في الحكومات بات لا يُعّتَدّ به كذلك. صنّاع الحكومة يتحدثون عن رغبتهم بالابتعاد عنها، فهم لا يريدون شيئاً لأنفسهم ولا لنوابهم، انهم يبحثون فقط عن الخير العام، لكن النتيجة تكون أسوأ بما لا يقاس. يبتعد ممثلو مشايخ الدولة وأغواتها المباشرين المعروفين فتحل محلهم نخبة من «المستقلين» المجهولين الذين يجعلون شعباً بأكمله يترّحم على الاصيل وحسناته. وفي الحكومة المنصرفة، ولا تزال في حالة التصريف، جيء بوزراء جرى تقديمهم كمستقلين مدعومين من قوى السلطة، فكانت النتيجة أن غالبية هؤلاء تتسابق في تقديم الولاء لمن تكّرم عليها بلقب الوزير، وحسب المتداول فمن 24 وزيراً، قلة لا تتبع توجيهات اركان الحكم الفعليين، الذين يلعبون بكامل قوتهم عبر لاعبي الاحتياط بعد احتراق ممثلين التصق تاريخهم بحياة وقرارات مرجعياتهم.
بعد انتهاء واجب الاستشارة والتشاور لن يجد الرئيس نجيب ميقاتي وسادة حكومته المنصرفة أفضل منها للاستمرار. فالانتخابات النيابية فرزت ابتعاداً عن السلطة وليس بديلاً، ولم تتمكن القوى «السيادية والتغييرية» من الذهاب في اللعبة البرلمانية الى حدها الأقصى، أي توفير أكثرية لرئيس حكومة جديد يشكل حكومة اختصاصيين مستقلة مدعومة من هذه الأكثرية بالذات. لم يحصل شيء من ذلك، فبقي ميقاتي وحكومته التي تلبي مصالح غالبية الكتل التي كانت حاضرة في المجلس النيابي السابق وتستمر في المجلس الحالي، بمن فيها بعض من لم يسمِّ ميقاتي ويعلن انه لا يريد المشاركة في وزارته!
سيتوقف الرئيس المكلف أمام صورة الوضع المحدود في الزمان والمكان، وسيفضل على الارجح الابقاء على قديمه، فبذلك يتجنب معارك وحسابات لا تنتهي، ويرضي الأخ الأكبر، ويحفظ للذين يرفضون التعاون معه من ثلاثي الحكم مقاعدهم وحصصهم «غصباً عنهم».