رصاصة في الطائرة.. وأخرى بالدستور
جاء في “المركزية”:
قبل ساعات قليلة على انعقاد الجلسة النيابية الخامسة لانتخاب الرئيس العتيد للجمهورية في مجلس النواب، كانت رصاصة مجهولة المصدر قد خرقت سقف طائرة تابعة للميدل ايست في مطار بيروت الدولي، ما أوحى ان هناك رابطا بين ما نتج عن الرصاصة التي رفعت منسوب الخطر على حركة الملاحة الدولية في مطار بيروت وبوادر نحر الدستور في جلسات مجلس النواب المخصصة لانتخاب الرئيس بطريقة ابعدت هذه المهمة التي على المجلس انجازها الى توقيت لا يمكن لاحد تقديره إن بقي التعاطي مع الاستحقاق بما يشكل خروجا على العديد من المواد الدستورية وتحديدا المواد المتصلة بنصاب جلسة انتخاب الرئيس والآلية المعتمدة لتعطيلها.
على هذه الخلفيات توقفت مراجع سياسية معارضة ولفتت عبر “المركزية” الى رابط ولو كان بعيدا في الشكل لكنه قريب في المضمون عند التزامن بين المخاوف الامنية التي احدثتها الرصاصة الطائشة على حركة الطيران المدني في بوابة لبنان الى الخارج وتلك الناجمة عن استمرار الفشل في توليد الرئيس الخلف ليستقر في قصر بعبدا، ويما تركه خلو سدة الرئاسة من شاغلها وهو ما يعيق انتظام العلاقات بين المؤسسات والسلطات الدستورية لمجرد فقدان الرئيس.
وعند البحث عن المخرج الممكن لفتت هذه المراجع الى ان ما يعيق انتخاب الرئيس فقدان اي مظهر من مظاهر الديمقراطية في مسلسل جلسات مجلس النواب إن بقي رئيس المجلس يقفل محضر كل جلسة بعد الدورة الاولى منعا للانتقال الى الدورة الثانية التي تفسح المجال امام امكان النفاذ بانتخاب الرئيس العتيد من بين مجموعة المرشحين المعلن عنهم او اولئك الذين ينتظرون الانتهاء من مشروع التسوية الجديدة في محاولة لتكرار تجربة العام 2016 التي تحكمت بولاية كاملة من باب استدراج من يمكن استدراجه إلى صفقة مماثلة تحيي مظهر الترويكا الرئاسية بعيدا من اي مظهر من مظاهر الديمقراطية.
ولفتت المصادر الى استحالة تجديد التسوية التي ابرمت قبل ست سنوات مخافة ان تنتهي الى حيث انتهت مجموعة التفاهمات التي انهارت واحدة بعد أخرى منذ الثلث الأول من الولاية، قبل ان يقود العهد السابق لبنان الى محور الممانعة بعد سقوط التفاهمات التي أنهت التفاهم بين القوتين المسيحيتين وتفجير العلاقة مع الممثل الذي سمي الأول لدى الطائفة السنية سعد الحريري قبل شن الحرب على مختلف الأطراف بما فيها مواقع السلطات الوطنية ولا سيما القضائية بهدف شلها وإخضاعها لمعايير سياسية استنسابية رفعت الحواجز امام التحقيقات التي كانت قد انطلقت في جريمة تفجير المرفأ قبل ان تأتي على القطاع المصرفي بعد النقدي وهو ما جعل البلاد على شفير دخولها نفقا سبق ان دخلته البلدان المفلسة والفاشلة.
وتستطرد هذه المراجع التي تصر على هذا الرأي على اعتقادها بان مجرد تدمير العملة الوطنية وشن الحرب الداخلية بمظاهرها القضائية والمالية على مصرف لبنان المركزي من دون مراعاة الظروف غير الطبيعية التي تعيشها البلاد أدت الى تحقيق ما أراده صانعو الازمة بطريقة هدمت ما بني من اعمدة الثقة العالية بالقطاع المصرفي والمالي على المستوى الداخلي قبل العالمي. وهو ما قاد سريعا الى المس بعلاقات لبنان المالية والاقتصادية الدولية الى ان اقترب من خلال التصنيف الأكثر سلبية الذي اعطته المؤسسات المالية الكبرى المكلفة بهذه المهمة الى وضعه على لائحة الدول الفاشلة منذ ان تخلى عن اتمام واجباته بتسديد ديونه الخارجية ووقف دفع فوائد اليوروبوند من دون فتح أبواب المفاوضات المفترضة مع مالكيها المحليين والدوليين والتي لم يتجرأ احد على الاقدام على مثل هذه الخطوة من قبل.
وأضافت المراجع “ان دين لبنان بحجمه ونوعه وكيفية تقسيمه بين داخلي وخارجي يشكل ضمانة لصموده رغم الأزمات التي عصفت بالعالم والمنطقة. فدينه الخارجي لا يتجاوز في قيمته الاجمالية خمس الدين العام الذي بقي حتى انهيار القطاع دينا داخليا بامتياز، لا يشكل مهما بلغ حجمه، خطرا على علاقات لبنان الخارجية ولا سيما مع المصارف الدولية الوسيطة التي أبقت نوافذ ضيقة بين البلد وبلدان العالم من دون البت بما على لبنان اتخاذه من إجراءات يتقدمها قانون “الكابيتال كونترول” الذي يمكن أن يؤدي الى تنظيم العلاقة بين القطاع والمودعين ليشكل اقصر المعابر المؤدية الى استعادة الثقة الداخلية بالقطاع كخطوة اولى يمكن ان تحيي الثقة الدولية به وبالمؤسسات المالية في ظرف هو الأخطر.
والى هذه المشاكل المالية والمصرفية ختمت المراجع بالقول إن إمعان المجلس النيابي بأدائه في التعاطي مع الدعوة الى انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية في نزع الثقة عن الدولة ومؤسساتها من خلال تفسير ضيق للدستور يؤدي الى عرقلة عملية الانتخاب لمجرد الالتزام بتفسير متزمت للدستور على خلفية ارتكاب جريمة، وان اكتسبت معطياتها الدستورية والقانونية فإنها تنم عن أزمة اخلاقية تتجاوز في مخاطرها ما تقول به القوانين والانظمة المالية والدستورية معا. هذا عدا عن المعطيات الامنية المقلقة التي باشرت القيادات الامنية في مواجهتها لمنع اي نكسة محتملة قد تزيد من مخاطر الازمة التي تعصف بالبلاد، ولعل أخطرها اكتشاف الشبكات الارهابية وحادثة المطار لتزيد من التأثيرات السلبية لتعطيل مشاريع انتخاب الرئيس لتمديد فترة خلو سدة الرئاسة لاهداف ما زالت غامضة تحتكرها نفس يعقوب.