4 عواصم مع قائد الجيش رئيساً.. وزيارة قطر هدفها الفيول!

لبنان 13 كانون الأول, 2022

كتبت راكيل عتيّق في “نداء الوطن”:

من الطبيعي أن تُحمّل زيارة قائد الجيش العماد جوزاف عون لقطر، نهاية الأسبوع المنصرم، أبعاداً رئاسية، إذ إنّها تأتي في توقيتٍ رئاسي وفي ظلّ تداول اسمه كأبرز المرشحين الجديين لرئاسة الجمهورية، إضافةً الى أنّ الدوحة تؤدّي دوراً في الملف اللبناني. لكنّ «الحديث الرئاسي» بين القطريين أو أيّ من اللاعبين الخارجيين المنخرطين بالملف الرئاسي مع قائد الجيش، لا يتطلّب زيارة رسمية أو لقاء مُعلناً، بل إنّ بحثاً كهذا يُجرى خلف الكواليس ويُفضّل العمل عليه من دون «ضجة إعلامية» تُطلق عنان التحليلات، لكي لا «تحترق الطبخة»، خصوصاً أنّ قائد الجيش لم يُعلن ترشّحه للرئاسة، وإنّ انتخابه رئيساً يتطلّب إجماعاً داخلياً أولاً لكي لا يُطعن بانتخابه أمام المجلس الدستوري إذ إنّه بحسب الدستور يُفترض على أيّ موظف فئة أولى في الدولة الاستقالة قبل سنتين من موعد انتخابه رئيساً. هذا فضلاً عن أنّ هذا الإجماع الداخلي يتطلّب أيضاً «مباركة» أو تسوية دولية، ولم تتبلور حتى الآن صورة أيّ من ذلك، فلا الإجماع الداخلي تحقّق ولا حتى الحوار الداخلي الرئاسي بدأ، ولا التسويات أو الاتفاقات الخارجية سلكت سكّة الحلّ.

بالنسبة إلى زيارة العماد جوزاف عون للعاصمة القطرية الدوحة، السبت الفائت، فلقد اقتصرت على يومٍ واحد، التقى خلالها كلّاً من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني والفريقَ الركن (طيار) سالم بن حمد بن عقيل النابت رئيس أركان القوات المسلّحة القطرية. وبحسب بيان صادر عن قيادة الجيش، فقد تناول البحث «علاقات التعاون بين جيشي البلدين وسبُل استمرار الدعم القطري للجيش اللبناني بهدف مساعدته على تجاوز الصعوبات الراهنة».

وتجزم مصادر مطّلعة على الزيارة، بأنّها اقتصرت على أمرين: شُكر قطر على مساعدة الجيش، وطلب قائد الجيش من الجانب القطري الاستمرار في دعم المؤسسة العسكرية، خصوصاً الدعم المالي النقدي للعسكريين، إضافةً الى حمله طلباً جديداً ملحّاً، وهو تزويد الجيش بالفيول، إذ إنّ مخزون الجيش من الفيول يفرغ وعلى وشك أن ينضب، ويحتاج الجيش إلى المحروقات لكي يبقي آلياته على قيد العمل لتنفيذ الدوريات والمهمات المطلوبة منه. وتؤكد هذه المصادر أنّ جدول أعمال زيارة العماد جوزاف عون للدوحة، لم يتضمّن أي بند سياسي أو رئاسي، وقد وعد الجانب القطري قائد الجيش بمحاولة المساعدة على مستوى تأمين الفيول.

وإذ يستند من يعتبر أنّ هذه الزيارة «رئاسية»، الى أنّ قطر هي من وجّهت الدعوة الى قائد الجيش في هذا التوقيت، وذلك بعدما استقبلت أيضاً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، مع ما يُتداول عن دور فرنسي – قطري على الخط الرئاسي، إلّا أنّ هذه الدعوة أتت بعدما أبدى قائد الجيش للجانب القطري رغبته في زيارة الدوحة لشكر القطريين على مساعدة الجيش ولأنّه يحمل مطالب جديدة، فرحّبت الدولة القطرية بهذه الرغبة ووجّهت دعوة الى قائد الجيش لزيارتها.

هذا حجم زيارة قطر، بحسب المصادر نفسها، ولم يرغب قائد الجيش في إعطائها أيّ بُعد آخر، فحتى آثر عدم تلبية دعوة الى حضور إحدى مباريات بطولة العالم في كرة القدم، والعودة مباشرةً الى بيروت. لكن بمعزل عن حقيقة مضمون زيارة العماد جوزاف عون للدوحة وأهدافها، والتي تبقى في عهدته فقط، إلّا أنّها ليست المؤشر الوحيد للمسعى الذي يحصل لإيجاد «تخريجة» لإيصال قائد الجيش إلى سدة الرئاسة الأولى. وعلى رغم أنّ هذا المسعى لم يتظهّر بعد، ولم يُحسم، ولا تزال السيناريوات الرئاسية كلّها مطروحة، والأكثر ترجيحاً من بينها، أنّ نهاية الفراغ لم تحِن بعد، إلّا أنّ هناك 4 عواصم مهتمّة بالملف الرئاسي، بحسب جهات سياسية معنية، وهي: واشنطن، باريس، القاهرة والدوحة. وهذه العواصم الأربع تريد قائد الجيش رئيساً للجمهورية، لأنها تعتبر أنّه، في ظلّ الانقسام بين اللبنانيين وميزان القوى القائم، الوحيد الذي يشكّل مساحة مشتركة بين الجميع. لكن هذا لا يعني، أنّ دعم المؤسسة العسكرية، يصبّ في الوعاء الرئاسي، بل تأتي المساعدة القطرية المستمرّة للجيش والتي بدأت قبل التوقيت الرئاسي، انطلاقاً من الحرص الدولي على الاستقرار في لبنان، ولاعتبار أنّ المؤسسة العسكرية تشكّل ضمانة للحفاظ على ما تبقّى من استقرار أمني وسياسي في ظلّ الانهيار. وسبق أن فُوّضت قطر لتأدية أدوار إيجابية ومساعدة في لبنان، في مفاصل عدة، منذ ما قبل عام 2006، مروراً بـ»اتفاق الدوحة» عام 2008، وهي تُعتبر كدولة عربية – خليجية، الأكثر قدرة على لعب دور مع جميع الأفرقاء في لبنان إذ لديها خطوط اتصال مفتوحة مع جميع الأفرقاء في الداخل. ولذلك تؤدّي دوراً رئاسياً الآن، إلى جانب باريس، حيث يحاول الفرنسيون والقطريون تذليل العقد والعقبات الرئاسية، ويعملون بطريقتهم على «إخراج» تسوية تنتج انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية.