عمليّات التّهريب تستعيد نشاطها.. وهكذا تحصل!
كتب حسين درويش في “الشرق الأوسط”:
استعادت عمليات التهريب نشاطها على محاور القرى الحدودية اللبنانية مع سوريا في أقصى شمال شرقي لبنان، وعن طريق معبر المصنع الحدودي، حيث تصدّرت المحروقات قائمة المواد المهرّبة من لبنان إلى سوريا نتيجة فرق الأسعار بين الداخل السوري والقرى اللبنانية.
ومع وصول سعر صفيحة البنزين 20 ليتراً في الداخل السوري إلى 46 دولاراً، والمازوت إلى 38 دولاراً، نتيجة الطلب على المحروقات غير المتوافرة على أثر أزمة عدم توفر المادة في الأسواق السورية بسبب العقوبات الأميركية والأوروبية ربطاً بقانون «قيصر»، استأنف المهرّبون اللبنانيون نشاط التهريب مرة أخرى. وقالت مصادر ميدانية، إن المناطق الحدودية مع سوريا، بما فيها نقطة المصنع الحدودية الرسمية، باتت مفتوحة أمام المهربين بشكل كبير، وتمتد من بلدة الصويري اللبنانية في البقاع الغربي جنوباً، مروراً بنقطة المصنع والجرود الحدودية، وصولاً إلى البلدات الحدودية في شمال شرقي لبنان.
وانعكس نشاط التهريب المتزايد على الأسواق اللبنانية، ليس على صعيد تزايد الطلب على البنزين والمازوت فقط، وإنما باشتداد الطلب من قِبل التجار والمستوردين والشركات على الدولار، وانعكاس ذلك ارتفاعاً بسعر الصرف إلى حدود الـ47 ألف ليرة الأسبوع الماضي ليعود ويتراجع بعدها إلى 46 ألف ليرة.
واللافت في المنطقة الشرقية، أن معظم تجّار المحروقات هم من صغار التجار، ومن أصحاب وسائقي الدراجات النارية الذين امتهنوا عمليات التهريب بين الحدود، وينقلون المحروقات الأغلى ثمناً وغير المتوافرة والنادرة في السوق السورية نتيجة شح المادة واشتداد الطلب في السوق السوداء بعد اعتماد تسليمها وفق قسائم لأصحاب السيارات الخصوصية والعمومية.
وقالت مصادر ميدانية، إن كل دراجة نارية على طرقات التهريب عند معابر ساقية جوسية شمالي الهرمل «تنقل حمولة من أربع عبوات بلاستيكية سعة الواحد منها 50 لتراً، لتشكل جميعها نحو 200 لتر في كل رحلة تهريب، ليكون مردود الرحلة الواحدة يومياً 290 دولاراً إذا اكتفى برحلة واحدة ما بين الحدود اللبنانية والقرى اللبنانية في الداخل السوري أو قرى جنوبي حمص»، بالنظر إلى أن سعر صفيحة البنزين في لبنان يصل إلى 18 دولاراً، بينما يصل سعرها في سوريا إلى 46 دولاراً.
أما بالنسبة للمازوت، فالمردود الربحي هو أقل نسبة إلى أن سعر صفيحة المازوت في لبنان هو 18 دولاراً وفي سوريا 38 دولاراً.
وبإمكان الدراجة النارية أن تتسلق فوق التلال الترابية التي استحدثت على طرقات التهريب التي أقفلها الجيش اللبناني في شهر آب الماضي للحد من عمليات التهريب وتحرك الصهاريج والشاحنات وسيارات النقل البيك أب التي يتعذر تحركها بين نقاط الحدود، بسبب إقفال طرقات التهريب بالسواتر الترابية.
ولم تقتصر حركة التهريب على شمال شرقي لبنان عند المعابر الحدودية غير الشرعية؛ فحركة التهريب عند حدود نقطة المصنع اللبنانية الحدودية مع سوريا استعادت نشاطها أيضاً بحيث يعمد المهربون لنقل المواد المهرّبة من البنزين والمازوت بالغالونات سيراً على الأقدام. وامتهن عدد كبير من الشبان مهنة التهريب من بلدات البقاع الغربي ومجدل عنجر، فهم يعملون على نقل المادة بخزانات السيارات العابرة إلى سوريا إلى ما بعد نقطة الجمارك اللبنانية ليفرغوا خزاناتها وبيعها بأسعار مرتفعة قبل أن تقطع رحلتها إلى سوريا وتعود إلى الأراضي اللبنانية مجدداً.
إضافة إلى المحروقات، تنشط عمليات تهريب السجائر الوطنية على أنواعه ومواد أخرى، مع نشاط ملحوظ لتهريب الأدوية والأدوية الزراعية ومواد التنظيف من الداخل السوري إلى الداخل اللبناني نتيجة فرق الأسعار ورخص ثمن الأدوية في سوريا.
وأكد رئيس بلدية في إحدى القرى الحدودية في الداخل اللبناني شمالي الهرمل عودة نشاط عمليات التهريب بشكل أفرادي، وإنما بشكل ملحوظ. وقال «تتم عمليات التهريب بواسطة دراجات نارية تجتاز المعابر والسواتر الترابية المقفلة بين الأراضي اللبنانية والداخل السوري عند ساقية جوسية». وأشار إلى أن عمليات التهريب التي كانت تتم بواسطة الصهاريج «متوقفة تماماً الآن نتيجة إقفال المعابر بالسواتر الترابية».
وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن أسعار المحروقات من البنزين والمازوت في الداخل السوري تتقارب مع أسعارها في لبنان إذا تم التسليم بموجب قسائم مخصصة لأصحاب الآليات، لكن حاجة اللبنانيين في الداخل السوري في القرى الحدودية «رفعت من عمليات التهريب؛ لأنه لا يحق للبناني أن يتسلم البنزين بموجب قسائم مخصصة للسوريين، فقط توزعها الدولة السورية على مستحقيها؛ ما يضطره (اي اللبناني المقيم في سوريا) إلى شراء البنزين والمازوت من السوق السوداء»، لافتاً إلى أن «التهريب يحصل وإنما بكميات محدودة وفي غالونات صغيرة».
وتشمل عمليات التهريب مادة الغاز نتيجة شح الكميات في الداخل السوري، بحيث يحق لكل رب عائلة أن يتسلم قارورة غاز واحدة مدعومة زنة 10 كيلوغرامات بموجب بطاقة أسرية كل ثلاثة أشهر وفق السعر الرسمي بـ11 ألف ليرة، أما سعر قارورة الغاز المهرب غير المدعوم فيباع في السوق السوداء بـ220 ألف ليرة سورية أو ما يعادل مليوناً و750 ألف ليرة لبنانية (37 دولاراً)؛ ما أضاف مادة الغاز إلى السلع التي يتم تهريبها على الدراجات النارية وسيارات النقل رغم تشدد قوات حرس الحدود السوري حول عمليات التهريب من الداخل اللبناني إلى القرى الحدودية اللبنانية في الداخل السوري شمالي الهرمل.