الأنظار شاخصة إلى شمال لبنان!

لبنان 7 تشرين الثانى, 2020

كتبت

Aya Hamdan

كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:

في غَمْرَة الفوضى الدولية، يزور وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف فنزويلا، بـ”برنامج عمل مكثّف” أعلن عنه وزير الخارجية الفنزويلي خورخي أريازا.

تسعى طهران الى أن تتحوّل من قوّة إقليمية في الشرق الأوسط الى قوّة دولية، عبر تقوية حضورها في دول الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأميركية. ولكن هل يُمكنها ذلك بالفعل؟ وهل تمتلك وسائل تحقيقه؟ والى أي مدى يُمكنها ان تتصارع مستقبلاً مع دول قد تكون مهتمّة أيضاً بالإقتراب أكثر من العُمق الاستراتيجي الأميركي، ولا سيّما الصين المتصاعدة إقتصادياً، والتي قد ترغب بمصارَعَة واشنطن قرب حدودها وبعيداً من الشرق الأقصى، وتركيا المتصاعِدَة عقائدياً، عبر استخدام الدّين كأداة للتوسُّع الاستراتيجي؟

شدّد مصدر مُطَّلِع على أن “زيارة ظريف فنزويلا ليست أكثر من مبادرة من دولة معزولة تجاه أخرى”.

ورأى في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “جولات وزير الخارجية الإيراني في فنزويلا وكوبا وبوليفيا، إستعراضية، وهي تأتي على وقع أن المسؤولين الإيرانيين باتوا معزولين، وما عاد مسموحاً لهم أن يزوروا الكثير من الدّول حول العالم، ولا سيّما الوازِنَة منها، إذ يكتفي من يريد التنسيق معهم بالقيام بذلك إما عبر الهاتف، أو عبر وسطاء”.

ولم يستغرب أن تكون فنزويلا وُجهة لظريف، وذلك “نظراً الى أن “الحرس الثوري” الإيراني، ومنظومة “المُمانَعَة” في العالم، هي التي تدعم استمرارية النّظام الفنزويلي”.

وأكد المصدر أن “بكين بعيدة كلّ البُعد من دعم أي مسعى لدى طهران لتوسيع نفوذها في العُمق الاستراتيجي الأميركي”.

وأوضح: “الصين دولة عظمى، يتعاطى معها اليمينيون في العالم منذ سنوات، كما يتعاطى معها اليساريون، ولديها أفضل العلاقات مع معظم الدول. ولا يهمّها الإقتراب من إيران الى درجة تجعل المجتمع الدولي يبتعد عنها (الصين)”.

وشرح: “تختلف مقاربات بكين تجاه واشنطن عن تلك التي لطهران. فإيران تسعى الى نسج تحالفات مع الصين، والى توجيه أذرعها شرقاً، من ضمن مشروع لتشكيل محور مُناهِض للولايات المتحدة، يبني قوّته العسكرية وينتشر مُعتَمِداً على القوّة الإقتصادية والمالية للصين”.

وأضاف: “بكين لا تُقحِم نفسها في تلك المجالات. ومصالحها الإقتصادية أولوية، وليس لديها عقدة الإقتراب من العُمق الاستراتيجي الأميركي لأسباب أمنية. فهي لم تَعُد دولة شيوعية، بل أصبحت دولة رأسمالية بعنوان شيوعي، وهذا ما لا تريد إيران أن تستوعبه، إذ تُبقي على تعاملها مع الصين كما لو أنها تتعاطى مع دولة مُناهِضَة للرأسمالية”.

وردّاً على سؤال حول إمكانية أن تصطدم إيران مستقبلاً بسعي تركي ينافسها على دخول دول الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأميركية، على نطاق واسع، لأسباب إيديولوجية تنسجم مع أفكار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أجاب المصدر:”هذا صعب على تركيا، إذ ليس لديها قواعد للعمل على ذلك، في تلك المنطقة من العالم. فـ”الحرس الثوري” الإيراني يُمسِك بخطوط تبييض الأموال جميعها، وبالتحالفات مع المافيات المشهورة هناك، وهو ما لا يترك مجالات كثيرة لأردوغان في التحرّك، لا على صعيد علاقات على مستوى الدّول إذ إن دول أميركا الجنوبية تحتاج الى قُدرات غير متوفّرة لدى تركيا، ولا على مستوى تنظيمات غير شرعية تخضع للنّفوذ التركي، وذلك لأن إيران لم تترك شيئاً لغير “حرسها الثوري” هناك”.

وأكد أن “أردوغان لا يزال يحصر نشاطه في أمكنة الوجود التركماني والعثماني تاريخياً وديموغرافياً، وفي مواقع النّفط. ولذلك، تبقى الأنظار شاخصة الى الخوف من أن يموّل مشروعاً إرهابياً يُعلن الحكم الذاتي في شمال لبنان. ففي تلك الحالة، ستكون تركيا أول دولة تعترف بالكيان الجديد هذا، وستحميه عسكرياً، وستعمل على وصله مع شمال قبرص، ومع باقي المناطق الإقتصادية الخالصة التي تطمح أنقرة الى السّطو عليها في مياه المتوسّط”.

وختم:”هذا الوضع سينعكس أيضاً على المسار السياسي في سوريا، وعلى روسيا والحضور الإيراني في سوريا، وعلى نفوذ موسكو وطهران على سواحل المتوسّط”.
المصدر: MTV