الأزمة الرئاسية مفتوحة على كل الاحتمالات… بانتظار عودة لودريان
جاء في “الراي الكويتية”:
تترقّب بيروت عودةً مفترَضة للموفد الفرنسي جان – إيف لودريان إليها في النصف الثاني من يوليو الجاري لإكمال ما كان بدأه «على أنقاضِ» النسخة الأولى من المبادرةِ الرئاسية لبلاده التي حاولت مقايضة وصول مرشح فريق «الممانعة» (بقيادة «حزب الله») سليمان فرنجية بتولّي نواف سلام رئاسة الحكومة، في سياق إحداثِ تَوازُن سياسي لم يقتنع به الداخل ولا الخارج كونه «وهميّا» وقابِلا للتجويف في شكل الحكومة وطبيعتها وتوازناتها ناهيك عن مجمل وضعية البلاد التي سيتكرّس «سقوطها» في يد الحزب وحلفائه.
وفي انتظار وصول لودريان، لم يهدأ مسارُ إعداد المسرح السياسي بـ «عملياتٍ استباقية» إما لإحباط ما تضجّ كواليس بأنه سيحمله معه من مقترحاتٍ لإنهاء الشغور الرئاسي، وإما لإحاطة هذه المقترحات بـ «خطوط حمر» أو صماماتِ أمان تمنع تحوُّلها «حفرة كبيرة» تسقط فيها جمهورية الطائف ونظامها الذي لم يَسْلم من قضْمٍ مُمَنْهَج مستمرّ منذ العام 2005.
وليس عابراً أن يسبق انطلاق المرحلة الثانية من مَهمة لودريان غبارٌ كثيف حول ما ستنطوي عليه حقيبته الديبلوماسية، يكاد أن يوازي الكمّ الهائل من المعلومات المتعاكسة في غالبيتها التي استخلصها كل طرف من الجولة الأولى (قبل أسبوعين) حتى بدا معها أن كل فريقٍ «يقرأ على ليلاه».
ولكن الأكيد أن كواليس قوى وازنة في المعارضة تزخر بما تقول لـ «الراي» إنه معلوماتٌ لديها عن أن «حزب الله»، الذي خسر أدواره الخارجية بفعل تحوّلات المنطقة والذي حدّ اتفاق الترسيم البحري مع اسرائيل من «وظيفته العسكرية» ببُعدها الإقليمي انطلاقاً من جنوب لبنان «يتعاطى مع اللحظة الراهنة على أنها فرصة يريد اقتناصها لتوسيع حصتّه في النظام السياسي عبر تعديلاتٍ على دستور الطائف، وهو ما تخبئه الدعوات التي لا تهدأ التي يُطْلِقها للحوار رغم مواقف شكلية تؤكد التزام اتفاق الطائف».
وهذه الأجواء تفسّر الموقف العالي السقف الذي أطلقه حزب «القوات اللبنانية»، الثلاثاء، وأعاد الاعتبار لاتفاق الطائف كمرجعية دستورية – سياسية – سيادية نهائية ناظمة لأي إشكالياتٍ داخلية، وسط معطياتٍ عن أن «القوات» ترتاب من أي محاولات لجرّ القوى الداخلية إلى طاولة حوار من شأنها تثبيت عجز النظام السياسي عن اجتراح حلول لأزماتٍ، مثل الانتخابات الرئاسية، من ضمن المؤسسات، وبالتالي السماح لـ «حزب الله» بمزيد من «الانقضاض الناعم» على الدستور وتوازنات جمهورية الطائف فقط بحجة الواقعية وأن لا إمكان لانتخاب رئيس لا يوافق عليه.
ووفق هذه المعطيات، وبعدما كانت فرنسا تطرح مقايضة رئاسة الجمهورية لفرنجية برئاسة الحكومة لنواف سلام، فإن اقتراحاً مُطَوَّراً يقوم على أنه لا يمكن الطلب من «حزب الله» التخلي عن مرشحه من دون مقابل، وهو المنطق الذي تردّ عليه أوساط واسعة الاطلاع في المعارضة بـ «اننا غير معنيين بمكافأة الحزب على عناده وتعطيله الاستحقاق الرئاسي»، معتبرةً «أن ثمة خطأ بنيوياً في هذا الطرح يقوم على أن حزب الله ليس قادراً أصلاً على إيصال سليمان فرنجية كي يتم تعويضه على تنازُله عن هذا الخيار الخاسر بالدليل الرقمي لنتيجة جلسة 14 يونيو الانتخابية التي كرّست تعادلاً سلبياً ومع تَفوُّق عددي لمرشح تقاطُع المعارضة والتيار الوطني الحر اي الوزير السابق جهاد أزعور، وهو ما ينبغي أن يجرّ في النهاية إلى خيار تَوافُقي وليس إلى فتْح الباب أمام ضرب الهيكل الدستوري للنظام عبر حوارٍ يتحيّنه الحزب باعتبار أن جمهورية الطائف صارت ضيّقة عليه وعلى حجمه».