احسمها يا سعد..
حان الوقت أن يحسم الرئيس سعد الحريري الموقف داخل الحريرية السياسية بعد أن استعاد عافيته صحياً. لقد بات مُلحّاً أن يعمل الرئيس سعد الحريري على إيقاف الجدل الذي يكاد أن يتحوّل إلى خلاف وصدام بين أنصاره والرؤوس المتنازعة في تياره. وآخر مشاهده كان مدخل بلدية بيروت يوم الاثنين الفائت حين منع الحرس البلدي رئيس البلدية عبد الله درويش المحسوب على الوزير السابق محمد شقير من الدخول إلى مكتبه، إلا بعد توسّط وتدخّل رئيس جمعية بيروت للتنمية أحمد هاشمية.
من يمثّل سعد الحريري في لبنان؟ من ينطق باسمه ويعبّر عن توجيهاته؟ القرار بيد من؟ والتكليف أعطي لمن؟ هل لأحمد الحريري أمين عام التيار أو أحمد هاشمية رئيس جمعية بيروت للتنمية أم الوزير السابق محمد شقير؟
قد يسارع البعض ضمن منطق الترقيع للقول إنّ الثلاثة هم تحت عباءة سعد الحريري. وهنا السؤال لماذا يتصارعون ويتخاصمون؟! ويكيد الواحد منهم للآخر في النقابات وبلدية بيروت والوظائف العامة، واستمالة هذا المسؤول الأمني وذاك الموظف الرسمي؟
ثلاثة رؤوس تدّعي التكلّم باسم الحريرية السياسية:
1- أحمد الحريري: ينطلق من نقطة أساسية، أنه الأمين العام لتيار المستقبل أي تيار الحريرية السياسية كونه المسؤول الأول عن نشاط التيار الاجتماعي والنقابي والثقافي والسياسي المعلّق بقرار من الرئيس سعد الحريري. ولذا، هو يصارع ويجاهد لحصر القرار في المعارك النقابية والبلدية بيده مانعاً الآخرين من التدخّل أو المشاركة.
2- أحمد هاشمية: يرأس جمعية بيروت للتنمية، الوجه الاجتماعي للحريرية السياسية. صديق مقرّب من الرئيس سعد الحريري. يزوره بشكل دوري في إقامته الحالية في العاصمة الإماراتية أبو ظبي. يُنقل عنه أنه يشاور الرئيس سعد الحريري بالصغيرة والكبيرة، ولا يُقدم على أيّ خطوة دون الرجوع إلى سعد الحريري. يتكفّل بالشؤون الاجتماعية والنقابية وكافة المعارك والاستحقاقات الأخرى. فعبره تمرّ القناة المالية لنشاطات التيار ومن يتبع له.
3- محمد شقير: بداية الوزير محمد شقير كانت مع جمعية “بيروت الخير” التي تقوم على قاعدة جمع المساهمات المالية من رجال أعمال وأثرياء من بيروت، لكي توزّع على فقراء ومساكين العاصمة أي أنّ الجمعية صلة وصل بين جيوب الأغنياء الممتلئة وجيوب الفقراء الفارغة.
إلا أنّ محمد شقير لم يكتفِ بجمعية “بيروت الخير” بل أسس لقاء “كلنا بيروت” وهو لقاء سياسي يجري التحضير لإصدار بيانه السياسي وبرنامج عمله حيث يجمع بين دفتي برنامجه الطبخ والطائف، والاعتدال عبر تغييب القضية الفلسطينية. وما بين الجمعية واللقاء، وقع الخلاف بينه وبين هاشمية والحريري حيث يُنقل أنّ الرئيس سعد الحريري أذن له بالعمل الاجتماعي وليس السياسي.
يستند شقير على استمالة المسؤولين السُنّة في الإدارات العامة والأمنية والعسكرية بشتى الوسائل الممكنة، كتكليف بعضهم توزيع المساعدات على المحتاجين في بيروت، أو عبر رعاية بعضهم الآخر بالخدمات وتسيير الأمور.
من غير المقبول استمرار هذا الوضع على ما هو عليه. إلا إن كان الأمر مقصوداً من قبل الرئيس سعد الحريري لغاية في نفس يعقوب بانتظار عودته وإنهاء اعتكافه السياسي.
الأسماء الثلاثة تدّعي النطق باسم الرئيس الحريري على قاعدة: “قال الشيخ، وطلب منّا الشيخ”. وهي قاعدة لطالما اعتمدتها الحركات الصوفية عبر إقناع المريدين بحيث يُنسب كلّ عمل إلى الشيخ وتوجيهاته، ما أوجد ضياعاً وارتباكاً بين أنصار الحريرية السياسية والمنضوين ضمن التيار الأزرق، كانتساب بعض الكوادر إلى الطرفين في الوقت نفسه، كانتماء هشام المكمل إلى جمعية “بيروت الخير” وإلى جمعية “بيروت للتنمية” بالوقت نفسه أو كالنائب السابق رولا الطبش التائهة بين تجمّع “كلنا بيروت” وتيار المستقبل والاستراحة فيما بينهما في جمعية “خرّيجي المقاصد”، حيث المكان هناك لا يشهد نزاعات ولا اشتباكات.
مُطالبٌ الرئيس سعد الحريري بحسم هذا الجدل الكبير، وهذا التخبّط المريع، وإلا فإنّ الأمور ذاهبة الى ما لا يُرضي أحداً من الأحباب أو الأصحاب أو المؤيدين.