القطاع الصحي صامد… والمستشفيات حاضرة
جاء في جريدة الأنباء الالكترونية:
فيما تُوحي كل المُؤشرات إلى الذهاب بإتجّاه حرب إستنزاف طويلة أو حتى الذهاب إلى حرب مفتوحة، فإنّ الجبهة الداخلية اللبنانية تبدو قاصرة عن مواكبة المُستجدّات الأمنيّة الطارئة، لكن يبقى القطاع الصحي والإستشفائي رغم الأزمة الماليّة قادراً على الصمود وقد أثبت ذلك خلال مراحل سابقة حيث أظهر جهوزيّته لمواجهة كافّة التحديّات. إلّا أنّ المشهد اليوم وما يُمكن الإستناد عليه ممّا حصل في غزة من تدمير لبنى تحتية إستشفائيّة، فهل سيتمكّن القطاع الصحي في لبنان من مُواجهة ما يحصل؟ وبالتالي من مواجهة ما قد يحصل؟
تمنى مدير العناية الطبية في وزارة الصّحة العامّة د. جوزيف الحلو في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونيّة “عدم توسع الحرب”. وعن جهوزية الوزارة يُشير إلى أنهم كوزارة صحة “وضعنا خطة طوارئ منذ بدء الحرب في الجنوب في تشرين الماضي. إجتمعنا بداية في محافظة النبطية ومدينة صيدا مع المستشفيات والكوادر الطبية، ودرّبنا نحو 3500 شخص بين طبيب وممرض وكادر إداري على حالات الطوارئ، خاصة المستشفيات المتاخمة للحدود، حكوميّة وخاصة، ووزّعنا عليهم مُستلزمات طبيّة لإستعمالها في علاج الجرحى”.
ويضيف: “تطوّرت الأحداث منذ تشرين، وشهدنا مستجدّات يومية، ووسعنا معها دائرة المعلومات وإجتمعنا مع المستشفيات على كل الأراضي اللبنانية، مع 118 مستشفى، خاصة وحكوميّة، ووزعنا عليهم المستلزمات التي كانت بحوزتنا، والمساعدات التي وصلتنا من منظمة الصحة العالمية، وآخرها منذ يومين حيث وزّعنا قسماً من المساعدات على المستشفيات، وسلّمنا مستلزمات كانت موجودة في مستودعات وزارة الصحة، ووزّعنا بحدود 100 طن من المساعدات للمستشفيات”.
ويلفت الحلو إلى أنّهم “إجتمعوا أيضاً مع كل النقابات والوزارات المعنية وخاصة الهيئات الميدانيّة كالصليب الأحمر والهيئة الصحيّة وكشافة الرسالة والتي نجتمع معها يوميّاً من خلال غرفة الطوارئ المخصصة لهذه الغاية، ونُصدِر بيانات ونتلقى معلومات ونتعاون معاً. كما أنّ المستشفيات تتعاون مع بعضها البعض، خاصة مستشفيات الجنوب، حيث قسّمناها حسب الحالات. وأصبحت كل مستشفى تعلم الحالة التي تخصّص بها، وبالتالي بات أسهل على الهيئات الصحيّة نقل كل حالة إلى المستشفى المتخصص. علماً أنّ البعض من الجرحى والمرضى نقلناهم إلى بيروت، بسبب عدم توفر الإختصاص في مستشفيات الجنوب”.
من جهة أخرى، تمنّى “عدم تطوّر الحرب، لأن صحيح تحضرّنا لكن لا نعلم كيف تتأزّم الأمور، لأننا نتعامل مع عدو لا يفهم بالإنسانية أو المبادئ، ونخشى لا سمح الله أن يضرب مثلا المستشفيّات أو المحروقات، إذ ان أكبر مستشفى في لبنان لديه مخزون محروقات كاف يُمكنه الصمود لمدّة أقصاها أسبوع أو عشرة أيام. لا يُمكن للمستشفى التخزين لأشهر قادمة، بل هنا يجب على شركات المحروقات أنْ تخزّن”.
ويؤكّد أنّ “المئة طن من المساعدات وزعت على 37 مستشفى. والوزارة جاهزة والمستشفيات حاضرة وكذلك النقابات والهيئات الصحية، لكن عندما تبدأ الحرب، علينا أنْ نرى أين وكيف سيضرب العدو. مررنا بحروب وإنفجارات وجائحة كورونا، والقطاع الطبي كان دوماً جاهزاً للخدمة، وقام ببطولات خلال إنفجار المرفأ والكوفيد 19، لكن في الحرب الوضع مختلف، إذ قد لا تتمكّن السيارات من التنقل والاتصالات قد تنقطع. بالنسبة للإتصالات يجب أنْ نتزوّد بهواتف عبر الثريا كي نتواصل. رغم ذلك، نتمنى ألّا تتطوّر الأمور”.
وفي الشق المتعلق بالأدويّة، يؤكّد الحلو أنّ “الأدوية متوفرة، وقد تلقيّنا كميّات من الأدوية ووزعناها على مراكز الرعايّة الصحيّة الأوليّة كي تتمكّن من تلبية حاجات المواطنين من الدواء. كما إتصلنا بمعامل الأدوية في لبنان، خاصة لناحية المصل، وكل المُستلزمات مؤمنة لنحو خمسة أشهر مُقبلة”.
ويختم د. الحلو حديثه، “نحن جاهزون لكنّنا أمام عدو لا قوانين ولا قيم تردعه. أما بالنسبة للقطاع الصحي، في زمن الكورونا كانوا يسألونني إذا ما كان القطاع الصحي مُنهار، وكان جوابي دائماً “مستحيل”، القطاع الصحي في لبنان يُظهِر بطولات إستثنائية. كل دول العالم إنهارت في كورونا إلّا لبنان. القطاع الصحي ما زال صامداً، لكن التعامل مع القذائف والحرب تحتاج الى جهوزية، ونحن وضعنا خطّة طوارئ لمواكبتها لكن نتمنى ألا تتوسع الحرب. في النهاية، أؤمن بأن الله لا يتركنا، أرض الجنوب أرض قداسة سار عليها المسيح والانبياء صيدا وصور مذكورة في الإنجيل والقرآن، وأمس طوّب لبنان طوباوي جديد مار إسطفان الدويهي، لن يحصل أيّ مكروه للبنان لأنّ عين الرب ترعاه، مهما أظلمت الدنيا فإن الصبح سيشرق كل يوم”.