بيروت لن ترفع الراية البيضاء لاتخطئوا بحق بيروت والبيارتة.
تحت عنوان “بيروت لن ترفع الراية البيضاء” هكذا ردّ رئيس جمعيتي بيروت للتنمية و إمكان السيّد أحمد هاشمية على
ما كتبه “أيمن جزيني” في “أساس ميديا” واصفاً بيروت أنّها هشّة وتحترق
بيروت لن ترفع الراية البيضاء
عذراً منكم جميعاً بيروت ما تغيرت. لا تخطئوا بحق بيروت والبيارتة.لا تسمحوا لأقلامكم أن تخونكم لتكون سكيناً حاداً في غمد بيروت.
بالله عليكم أتستحق بيروت والبيارتة هذه النعوتوالأوصاف…
كلكم تعبتم ولا تعبت بيروت ولا أهلها…
كلكم (سكّيتم) “على الطريقة البيروتية” ولا (سكّت) بيروت ولا أهلها…
فعذراً، بيروت هي هي، ولن تتبدل. رايتها قوية خفاقة صلبة عالية، تعلو كلّ الرايات. لا يخيفها تهديد، ولا يكسرها تهويل، ولا غارات عدائية تصيب قلبها…
بيروت لم ترفع راية بيضاء، لا اليوم ولا بالأمس، ولا يوم دخلها المحتل الصهيوني، فسقط في لعنتها الملعون القاتل، وبقيت شامخة وأبية حتى في عزّ حصارها…
وبيروت لم ترفع راية بيضاء، لا اليوم ولا بالأمس ولا حتى يوم أباح البعض المدينة لشتى أنواع الحروب والمقاومات وتحميلها ما يفوق طاقتها، ثم عادوا بمراجعات ذاتية ليعتذروا من بيروت وأهلها…
وبيروت لم ترفع راية بيضاء، لا اليوم ولا بالأمس، ولا يوم قتلوا رفيقها عند شطّ بحرها الأزرق الجميل، بل انتفضت وأعادت كرامتها، وكرامة كلّ لبنان…
بيروت لم ترفع راية بيضاء رغم من ذبحها في 7 أيار وأراد أن يغتالها في تاريخها وكرامتها وكبريائها بخنجر أسود مشؤوم…
وبيروت لم ترفع راية بيضاء رغم كلّ حروب الآخرين على أرضها مرات ومرات…
وبيروت التي رفعت قلمها ولم ترفع أبداً راية بيضاء، ومشت وحدها يوم كتموا صوتها و ظنوا أنهم سيمحون صورتها…
وبيروت التي بصمودها وعزتها وروحها فاح أريج ربيع دمشق ولا حادت عن شمّ عبقه الفواح من كنف سمير قصير…
وبيروت لم ترفع راية بيضاء يوم فجروها بأطنان من النيترات عند مرفئها الجميل…
وبيروت التي رغم وجعها وألمها، فتحت قلبها وبيوتها ومدارسها وساحاتها ومستشفياتها لكل النازحين من كلّ الوطن، فلا فرّقت ولا ميّزت ولا صنفت. الكلّ أولادها، والكلّ بأدب واحترام يحتضنون قلبها النظيف الطاهر…
وبيروت التي هبّت بشيبها وشبابها، رجالها ونسائها تتبرع بالدم حين طالت التفجيرات الخبيثة شباباً بعمر الزهور، وإن بالماضي القريب قد قسوْا عليها…
كم أنهكوها وأتعبوها لحبيبتنا بيروت، وكم مرة قيدوها إلى أغلال الحرب والدمار…
كم مرة أباحوا رشقها ورشق أهلها بكل الشرور…
طعنوا قلبها شارعاً شارعاً، وساحة ساحة، وعمارة عمارة، وذاكرة ذاكرة…
أطعموها المرارات وغطوها بالأعشاب اليابسة…
ولكن لا بيروت ماتت، ولا روحها تبدّلتولا أهلها تغيروا…
بحرها هو هو.
شوارعها هي هي.
أصالتها هي هي.
صمودها، قوتها، صلابتها هي هي.
أهلها الطيبون هم ذاتهم. لم يتغير بها أو فيها شيء…
أتعلم من تغير؟
كارهو بيروت ومبغضوها أصبحوا أكثر حقداً ولؤماً وكيداً وأذية وحسداً وطمعاً فيها…
وبقيت بيروت…
وستبقى لنا المحروسة التي نحبها، وستبقى هي خيمتنا، وجميلتنا، وحريتنا، وثورتنا….
بيروت التي تشبهنا وتشبه تاريخها وأهلها…
بيروت الوحدة والتضامن والأوادم والشرفاء…
بيروت صائب سلام، والمفتي الشيخ حسن خالد، ورفيق الحريري، وسعد الحريري وغيرهم من الرجال الرجال…
بيروت مدرسة الجميع في الفكر، والعلم، والحرية، والحداثة، ومناهضة التقوقع والتعصب والخراب…
لن تكون بيروت الساحة المفتوحة لأشقياء الحرب والخراب والدمار…
فبيروت ليست مخيّماً، ولا طائفة، ولا منطقة جغرافية، ولا موقعاً عسكرياً، ولا مكسر عصا، بيروت لأهلها وناسها ومحبيها لشمالها وجنوبها وجبلها وباعها. بيروت دُرّة العرب ومعشوقتهم، فهي كانت وستبقى لها على مدى التاريخ صدارة الأدوار والأقدار.
*إلى اللقاء قريباً في ساحات بيروت التي لا تعرف الخوف أبداً… وتذكروا أنّ لا شيء في بيروت قد تغير… الكلّ يتغير، وتبقى بيروت، ويبقى البيارتة أصيلين وطنيين، معدن ذهب، لا تبدّلهم المحن ولا الظروف.”