قائد الجيش يقفز فوق صلاحياته مرّة أخرى
:”ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
أنجز الجيش اللبناني تقريراً مفصلاً حول الخروقات الإسرائيلية التي سُجّلت بعد سريان وقف إطلاق النار في الرابعة من فجر الأربعاء – الخميس. وبحسب المعطيات، سُجل حتى ظهر أمس الخميس 12 خرقاً توزع بين قرى جنوب الليطاني وشماله، إلاً أن الأبعد والأخطر فيما جرى، كان تنفيذ غارة جوية معادية على مرتفعات بلدة البيسارية قضاء صيدا.
وبعدما أنجز الجيش تقريره ورفعه إلى وزارة الدفاع، ستقوم الأخيرة بتحويله إلى وزارة الخارجية لاتخاذ ما يلزم. وتفسير ما يلزم، من وجهة نظر الحكومة، أن تقوم برفع شكوى بحق العدو الإسرائيلي أمام مجلس الأمن الدولي إن لم ننزل درجة أخرى وتصبح مرجعية تقديم الشكاوى “لجنة مراقبة إتفاق وقف إطلاق النار” التي جرى الإتفاق حوله تشكيلها كي تكون مرجعية الشكاوى، وتتألف من الولايات المتحدة، فرنسا، لبنان، إسرائيل والأمم المتحدة، إنفاذاً لبنود إتفاق وقف إطلاق النار وتحت شعار “آلية المراقبة”.
لكن الخروقات سواء البرية أو الجوية ليست الوحيدة، إنما تعمّد العدو خلال الساعات الماضية خرق الإتفاق من خلال محاولته منع الجنوبيين من دخول قراهم ومنازلهم لا سيما في قرى قطاع جنوب الليطاني، وصولاً إلى إجراء إتصالات هاتفية بالأهالي وتهديدهم والطلب إليهم المغادرة في الحال، أو تحديد ساعات التجول ومنع التجول، فضلاً عن تهديد الأهالي وترهيبهم سواء بإطلاق النار المباشر او الرمايات المدفعية، بشكلٍ عاكس مضمون الإتفاق الذي نصّ بوضوح على ضمان عودة النازحين.
على أي حال فإنه وبحسب مقتضيات الإتفاق الراهن الحاكم لوقف إطلاق النار في جنوب الليطاني طبقاً لمرجعية الإتفاق 1701، فإن اللجنة العسكرية المكلفة مراقبة الإتفاق، والتي تتشكل من ضباط من الدول الثلاثة + إسرائيل والأمم المتحدة، تقع على عاتقها، مهمة التعامل مع الخروقات والفصل فيها، فيما المفارقة تبقى في أن هذه اللجنة التي كان من المفترض أن يتم تشكيلها مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لم يتمّ تشكيلها بعد بانتظار وصول الضابطين الأميركي والفرنسي إلى بيروت. في الأثناء يستغل العدو حالة الفراغ الناشئة عن عدم إنعقاد اللجنة لزيادة وتيرة الخروقات للأراضي اللبنانية، في محاولة من شأنها بناء معادلة جديدة تكاد تكون أشبه بفرّض “حرية حركة” تأتي من خلفية بند “الدفاع عن النفس” الفضفاض الوارد في الإتفاقية والذي يحمل تفسيرات واسعة النطاق، حيث يتحجّج العدو بأن وصول الأهالي إلى قرى جنوب الليطاني تزامن ودخول مقاتلين وتحريك “قطع عسكرية”، ما يعتبره بمثابة ذريعة له!
على أي حال من المرتقب أن يصل الجنرال الأميركي المكلف رئاسة “لجنة المراقبة” إلى بيروت في غضون اليومين المقبلين معززاً بفريق عمل أمني – تقني سيعاونه في مهمته. وبحسب المعلومات، فإن الجنرال الذي أبقت المصادر إسمه طي الكتمان، هو عضو في القيادة الوسطى للجيش الأميركي “CENTCOM” التي تعد إسرائيل منذ عام 2022 عضواً مركزياً فيها. في الموازاة، من المرتقب وصول الجنرال الفرنسي وفريقه المعاون تزامناً مع وصول الفريق الأميركي. ومن المرجح أن تبدأ اللجنة مهامها رسمياً مطلع الأسبوع المقبل، على أن يكون مقر إقامة الأعضاء الأميركيين سفارة واشنطن في عوكر، فيما سيستقر الفرنسيون في سفارة بلدهم في بدارو.
ما ينقص يبقى في اختيار الضباط الممثلين عن لبنان، إسرائيل والأمم المتحدة، علما أن العدو لم يفصح بعد عن إسم ممثله.
لبنانياً وبحسب المعلومات، قرّرت قيادة الجيش تسمية قائد قطاع جنوب الليطاني العميد إدكار لاوندس (محسوب على قائد الجيش) ممثلاً عن لبنان في اللجنة. والملفت أن قائد الجيش العماد جوزاف عون تعامل مع قرار التسمية وفقاً لما تمليه مصلحته وإنسجاماً مع أسلوبه المعهود في التعامل مع وزارة الدفاع، حيث أصدر قرار فصل لاودنس من دون مشاورة أو مشاركة وزير الدفاع موريس سليم الملزمة، ما يدفع الأمور صوب المواجهة بينهما ويضيف بنداً على جدول الاشتباك عززه عون بافتعال مشكل جديد، حيث من المتوقع أن يثير الوزير هذه القضية على مجلس الوزراء في أول جلسة رسمية تعقد له، على اعتبار أن الحق في الفصل او التسمية لا يعودان لقائد الجيش منفرداً، إنما للسلطة السياسية، خصوصاً وأن تعامل القيادة العسكرية بات يقوم على مبدأ المكافآت، بالاشارة إلى أن العميد لاوندس هو نفسه الضابط المسؤول عن تقديم الطعن إلى مجلس شورى الدولة بقرار وزير الدفاع التمديد لعضو المجلس العسكري المحال إلى التقاعد العميد الركن بيار صعب عاماً واحداً بصفته متضرراً منه، مما أدى لابطال قرار التمديد في حينه.