عصابة الأسد… طريق الهروب تمرّ بالضاحية
قنبلة” نداء الوطن أمس عن لجوء رموز النظام السوري المخلوع، أحدثت ضجة كبيرة في الصفوف الحكومية في لبنان، وأثارت جملة أسئلة دبلوماسية في عواصم مؤثِّرة، عربية وغربية.
ومن نافل القول إن ما نشرته “نداء الوطن” على موقعها الالكتروني أوّل من أمس، لم يُجافِ الحقيقة والواقع، كما حاول البعض أن يوحي، بل صدرت تأكيدات عليها، وحتى التوضيحات التي قُدِّمَت، جاءت في معرض التأكيد.
وزير العدل السابق، النائب اللواء أشرف ريفي، قال لـ”نداء الوطن” إن السؤال الذي وجهه إلى الحكومة حول تسهيل دخول وإيواء مسؤولي النظام السوري إلى لبنان، ناتج عن معلومات مؤكدة تتقاطع مع ما نشرته “نداء الوطن”، ودعا ريفي الحكومة والوزارات المعنية وجميع الأجهزة إلى توقيف هؤلاء، ومراسلة الدول والهيئات التي تطلب محاكمتهم وتسليمهم، كما طالب بتوقيف اللواء في النظام المخلوع علي مملوك المطلوب الى القضاء اللبناني، الذي طلب توقيفه في ملفي ميشال سماحة وتفجير المسجدين، التقوى والسلام، وحذر من التهاون في هذه القضية، لأن أي تواطؤ يرتب مسؤولية قانونية جسيمة على كل متواطئ”.
الرئيس نجيب ميقاتي، كان له موقف يصح اعتباره “التأكيد في معرض التوضيح”، فهو لم ينفِ ما صدر بل اكتفى بالقول: توضيحاً لما يتم تداوله عن دخول بعض المسؤولين السوريين السابقين إلى لبنان للسفر إلى دول أخرى، فإن سياسة الحكومة اللبنانية لطالما كانت الركون إلى القوانين اللبنانية والدولية، إن الاحتكام بهذا الملف هو إلى ما تفرضه القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، وتحت إشراف القضاء المختص”.
وجاء موقف الحزب “التقدمي الاشتراكي” ليؤكد المؤكَّد، إذ نبَّه من خطورة تحويل لبنان إلى ملجأ آمن لقيادات النظام المخلوع في سوريا ، ودعا إلى تدارك هذا الأمر ومنع حصوله كي لا يتحمل لبنان تداعيات قانونية وسياسية نتيجة لهذا الأمر”.
وفي معلومات حصلت عليها “نداء الوطن” أن عائلة ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري، غادرت إلى عاصمة عربية عبر مطار بيروت، كما أن عائلات ضباط سوريين ومسؤولين أمنيين في النظام السوري السابق، غادروا إلى أكثر من عاصمة عبر مطار بيروت.
معلومات حصلت عليها “نداء الوطن” تشير إلى أن أجهزة مخابرات غربية باشرت طرح أسئلة وتجميع معلومات عن ضباط الفرقة الرابعة وعن ضباط عراقيين وإيرانيين، غادروا عبر مطار بيروت، وفي حال ثبتت هذه المعطيات فإن لبنان سيكون عرضة لمساءلة قضائية دولية باعتباره يؤوي ويسهِّل تهريب مجرمي حرب.
وفي قضية مرتبطة بالنزوح، علمت “نداء الوطن” أن الضابط في الأمن العام، أحمد نكد، نفّذ مساء أمس المذكرة الصادرة عن مدير الأمن العام، اللواء الياس البيسري، والتي تقضي بمنحه إجازة .
تضيف المعلومات أن الضابط نكد، رئيس مركز المصنع الحدودي، المقرّب من قائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري ماهر الأسد، ومن علي مملوك، رفض تنفيذ المذكرة في بداية الأمر، وتشير المعلومات إلى أن نكد كان على تواصل مباشر مع وفيق صفا رئيس وحدة التنسيق والارتباط في “حزب الله”.
وتكشف المعلومات أن نكد أشرف على تسهيل مرور مئات السيارات السورية الفاخرة، التي أقلت شخصيات سياسية وأمنية وعسكرية سورية تابعة للنظام السوري السابق. كما رصد صحافيون استقصائيون وأجهزة أمنية أسلوب عمله في المعبر، حيث كان ينفذ خطة تعتمد على “التزاحم وفقدان السيطرة”، ما أتاح دخول أعداد كبيرة من الوافدين القادمين من منطقة السيدة زينب، بينهم أشخاص من جنسيات لبنانية، سورية، إيرانية، أفغانية، وعراقية، من دون أوراق ثبوتية .
وتتابع المعلومات أن توافد الطواقم الصحافية وتثبيت إحدى الكاميرات على مبنى مقابل للمعبر، عرقل خطة نكد في تمرير باقي الوافدين، ما أدى إلى تصاعد الازدحام .
وبعد تنفيذ مذكرة الإجازة، تسلّم الضابط إيهاب الديراني مهامه في المركز. وعُلِم أن مجموعة من اللجنة الأمنية لدى “حزب الله” موجودة عند معبر المصنع وتحاول التنسيق مع الضابط الديراني حركة دخول أزلام النظام السوري السابق.
وتخشى مصادر مراقبة أن يكون الضابط نكد قد ورط لبنان في ممارسات من شأنها أن تحمّله عواقب جمة، بعدما أبلغ أن الدوائر الرسمية في لبنان تشعر بالاستياء من كون الضابط على المصنع قام بإيواء ضباط مطلوبين. يُذكَر أن الضابط نكد لديه ملف أمام النيابة العامة المالية بتهمة تهريب آثار لكن النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم يحتفظ بالملف في أدراجه.
في السياق ذاته علمت “نداء الوطن” أنّ السوريَين، اللواء غسان نافع بلال، مدير مكتب ماهر الأسد ونائبه في قيادة الفرقة الرابعة، والعقيد فراس حكمت كريدي، وهو ضابط أمن الفرقة الرابعة، موجودان لدى الأمن العام اللبناني عند نقطة المصنع الحدودية. علماً أنّهما فارّان من حكم بإعدامهما في سوريا وأحدهما يحمل هوية مزوّرة باسم شخص من عائلة “الختيار”.
مصادر سياسية فاعلة حمَّلت “حزب الله” مسؤولية هذه الإجراءات التي تعبِّر عن استباحة الدولة، وتعتبر هذه المصادر أن أداء “حزب الله” يزج لبنان في مخاطر دولية تماماً كما خاطر في زج لبنان في ما وصفه بـ”معركة الإسناد والمشاغلة”.
في ظل هذه المعمعة، أين السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي؟ الداعي إلى هذا السؤال أن السفير علي كان حوَّل السفارة إلى مقر للمخابرات السورية وأحياناً إلى سجن حيث كان يعتقل سوريين معارِضين للنظام، كما أعطى لنفسه مهمة بعيدة كل البعد عن المهام الدبلوماسية، ومنها الطلب إلى “حزب الله” تأمين مخصصات مالية لشخصيات سياسية ورؤساء أحزاب ومنهم الأمين العام لحزب البعث في لبنان علي حجازي.