أطباء لبنان: 500 هاجروا.. والحبل على الجرّار
كتب دانيال هتشلر في TagesschauK وترجمه هشام عليوان في “أساس ميديا”:
هشام سليمان يحبّ عمله، يتشبّث بممارسة الطبّ، وبمرضاه ووطنه، لكنّه لا يزال يريد الرحيل. قبل خمسة عشر عاماً، استقرّ المتخصّص في أمراض الروماتيزم، البالغ من العمر 48 عاماً، في طرابلس. كان يكسب حوالى 3000 يورو في الشهر، وبذلك كان بمستطاعه رعاية عائلته بشكل جيد. وهذا الأمر انتهى الآن.
هو الآن يكسب أقل من 900 يورو: “هذا لا يكفي لأب لديه خمسة أطفال. يمكنني فقط دفع الأقساط المدرسية”. لذلك يريد الهجرة إلى كندا أو ألمانيا. وهناك، غالباً ما يُمنح الأطباء أجوراً أعلى، وسيُحظى ببيئة حياتية آمنة ومستقرّة.
500 طبيب قد هاجروا بالفعل
إنّ الانفجار المدمّر الذي وقع في ميناء بيروت (4 آب الماضي) قد هزّ النظام الصحي في لبنان. ودمّر المستشفيات الخمس الرئيسية في العاصمة. وتدهورت ظروف العمل لكثير من الأطباء بشكل كبير منذ ذلك الحين. انهار مستوى رواتبهم بالفعل نتيجة الأزمة المالية. ومن ناحية أخرى، ارتفعت أسعار المواد الغذائية.
الآن يرحل الأطباء من بيروت، القِبلة السابقة للطبّ في الشرق الأوسط. وقد أدار 500 بالفعل ظهورهم للبلاد هذا العام. ومن المرجّح أن يكون هناك المزيد.
ينجذب معظم الناس إلى دول الخليج أو إلى أوروبا، كما يقول آسفاً نقيب الأطباء شرف أبو شرف: “المشكلة الكبرى هي أنّ الأطباء الناجحين يذهبون، كما أولئك الذين يدرّسون في المستشفيات الجامعية. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن للخرّيجين العثور على عمل بعد التخرّج بسبب الأزمة المالية. وهم يرحلون أيضاً”.
نقص الأدوية يفاقم أزمة كورونا
فقدان الأطباء يضرب المستشفيات في منتصف جائحة كورونا. فعلى سبيل المثال، في مستشفى الحريري في بيروت، 94% من أسرّة العناية المركّزة هي مشغولة بالفعل. لا تتوافر أجهزة التنفس. ويواجه كثير من الأطباء الجائحة بأنفسهم، وبعضهم أُصيبوا بالوباء، وتوفي بعضهم أيضاً.
يقول فراس أبيض، مدير مستشفى رفيق الحريري الحكومي: “هذا أمر مقلق. إذا ارتفعت أعداد كورونا بعد عيد الميلاد وليلة رأس السنة، فلن تكون المستشفيات قادرة على التعامل مع هذا الأمر”. وحقيقة أنّ كثيراً من الأطباء يديرون ظهورهم الآن للبنان، تفاقم الوضع المتوتر: “النتيجة هي أنّ الموظفين المتبقّين يتحمّلون عبئاً إضافياً، للأسف. إنهم يشعرون بالنقص، وبمزيد من الضغوط، ونحن قلقون للغاية من أن يؤثر ذلك في أدائهم، ونوعية الرعاية المقدّمة لمرضانا”.
وداع مؤلم
هشام سليمان يعرف هذه المشكلات، ويعرف مسؤوليته تجاه مرضاه. إنه يعالج مجّاناً الكثير ممن لا يملكون المال. لكنّه لا يستطيع تغطية نفقاته، ويخشى أن تتفاقم الأزمة بشكل كبير، وأن تندلع الحرب الأهلية في يوم قريب.
إقرأ أيضاً: مستشفيات لبنان إلى الكارثة: حان وقت الهلع الكوروني
وهذا سبب آخر من الأسباب التي تدفعه إلى التخلّي عن ممارسة الطبّ في بلاده: “بالطبع أشعر بالحزن لترك مرضاي ورائي، والتخلّي عن ممارسة الطب”. وأضاف: “لكن عليّ أن أتطلّع إلى المستقبل”.
هذا وتخشى نقابة الأطباء في لبنان من وقوع كارثة إذا لم يكن ممكناً على نحوٍ عاجل وقف هذا النزيف المتنامي في الجسم الطبي.