الى العاطلين عن العمل في لبنان… هذه السّطور لكم

كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:

سجَّل لبنان، منذ بدء الازمة الاقتصاديّة، فراراً لليد العاملة الاجنبيّة منه، من الجنسيّات السوريّة والمصريّة والهنديّة والسريلانكيّة وغيرها من العمالة الاسيوية والافريقيّة بسبب ارتفاع سعر صرف الدّولار مقابل الليرة اللبنانيّة، فما بات يجنيه هؤلاء لم يعد يؤمّن لهم مدخولاً محترماً يرسلون بعضاً منه بالعملات الاجنبيّة الى عائلاتهم.

كشفت آخر الاحصاءات عن إنخفاض نسبة العمالة الاجنبيّة في لبنان بأكثر من 50 في المئة، في رقم يعكس هول الازمة الحادّة التي تضرب لبنان، مقابل إرتفاع أرقام البطالة في صفوف اللبنانييّن الى أكثر من 37 في المئة بعدما كانت في الـ2019 18,5 في المئة، بحسب أرقام منظمة العمل الدولية ووزارة العمل اللبنانية، ومن المتوقّع أن ترتفع الارقام في الاشهر المقبلة من الـ2021 خصوصاً مع الحديث عن عمليات صرفٍ في عددٍ كبيرٍ من المصارف وفي ظلّ إقفال شركات ومؤسّسات إضافيّة في لبنان.

لا شكّ في أنّ فرار اليد العاملة الاجنبيّة هي خسارة للبنان الذي كان يعتمد عليها بشكلٍ كبيرٍ في السنوات الماضية في قطاعات مُختلفة مثل البناء، والنظافة، والخدمات المنزلية، والمهن اليدوية، وحتّى في قطاعات خدماتيّة كالمطاعم والتوصيل، وصحية كالمُستشفيات، فضلاً عن عملهم في مجالات ومؤسّسات أخرى كمحطّات المحروقات، ومنهم من بادر الى فتح مؤسّسات تجاريّة كمحال الخضار والفاكهة، إلاّ أنّ هذه الخسارة قد تعود بالفائدة على اللبنانيّين العاطلين عن العمل، ولكن بشرط واحد وهو أن يتشجّعوا ويقبلوا بالعمل في هذه الوظائف المتواضعة التي باتت شاغرة، ولو أنّ المردود قد لا يكون كالسّابق بالنسبة إليهم، لاسباب عديدة أهمها تأمين مدخول حتّى لو كان قليلاً، والمُساهمة في نهضة الاقتصاد اللبناني الذي يعتمد على مختلف هذه القطاعات، ولتشجيع كلّ صاحب مؤسّسة لأن يعطي الاولويّة للموظّف اللبناني على حساب الاجنبي، وأيضاً لانّ العمل “مش عيب”، فاللبناني الذي يُهاجر ليعمل في محطّة محروقات ومغاسل السيارات، وليصبح نادلاً في مطعم، يمكنه أن يقوم بهذه الاعمال في وطنه ليؤمّن المال الذي يحتاجه لسدّ حاجاته الضروريّة. وأمام هذا الواقع، يتوجّب على المجتمع اللبناني الذي عرف بزخاً وتشاوفاً كبيرين جدّاً في الماضي القريب، أن يتواضع ويشجّع كلّ لبناني يعمل في وظائف لم نعهد رؤيته فيها، والتّشجيع يكون بالكلمة والشّكر والامتنان والبقشيش.

“ثورة المكانس” التي شهدناها بعد انفجار مرفأ بيروت أكبر دليل على أنّ الجيل الجديد في لبنان يعي أهمية العمل والتعاضد والتكاتف للاستمرار في وطنٍ قُطعت أوصال الحياة فيه، ويعيش مسؤولوه في كوكبٍ آخر لا نفحة إنسانيّة فيه. فهل ينتفض اللبنانيّون على البطالة ويخلعون عباءة العنصريّة والتّشاوف، أم أنّنا شعبٌ اختار الموت جلوساً؟

mtv