أشهرها وأهمها الصبار.. شبكات جريمة دولية لتهريب النباتات النادرة

عرب وعالم 21 أيلول, 2021

ذكرت “الجزيرة” ان شبكات الجريمة والتهريب الدولية، عثرت على مجال جديد لتحقيق أرباح غير مشروعة، فبعد تضييق الخناق عليها في الاتجار بالحيوانات -خاصة المعرضة للانقراض مثل الخرتيت- لجأت هذه العصابات إلى ميدان جديد يلقى إقبالا عالميا متزايدا وهو تهريب النباتات النادرة، وقد شجعت منصات التواصل الاجتماعي على هذا الاتجاه.

وحظيت صورة لنبات نادر غريب الشكل على أكثر من 10 آلاف مشاركة على منصات التواصل، وتراكمت التعليقات تحت الصورة المنشورة بسرعة فائقة، ومن بينها تعليق يقول “أود أن أحصل على نبات مثل هذا”، ويقول تعليق آخر “أين أحصل على نبات مثله؟”.

ويشكو بيتر فان فيك -وهو عالم نبات يعمل مع معهد جنوب أفريقيا الوطني للتنوع الحيوي- قائلا “نتلقى كل يوم تقريرا جديدا بشأن سرقة النباتات”.

وعلى مستوى العالم، تعد جنوب أفريقيا موطنا لثلث النباتات الريانة التي تخزن المياه في أوراقها اللحمية، ومعظمها خاضع لحماية القانون.
وبدعم من منصات التواصل الاجتماعي راجت التجارة في النباتات بشكل غير مشروع، وبدرجة تضاهي الصيد غير القانوني للخرتيت، وذلك نتيجة دخول شبكات الإجرام الدولية فيها كما يوضح فان فيك.

ومن السهل تحديد حجم الأرباح التي يمكن تحقيقها في هذا المجال أيضا، فمثلا صور النباتات النادرة على منصة تيك توك حظيت بـ3.5 مليارات مشاهدة، ونشرت على منصة إنستغرام 3.12 ملايين تدوينة خاصة بالنباتات النضرة.

وقد يبدو الأمر كله وكأن له علاقة بحب النباتات ورعايتها والصور الجميلة، لكن تكمن خلف ذلك دائما تجارة في السوق السوداء لبعض أكثر النباتات ندرة في العالم.

نباتات مهددة بالانقراض
وكلما كان النبات مهددا بالانقراض زاد الطلب عليه وارتفع سعره، فمثلا النبات الذي كان سعره منذ عامين يوروا واحدا ارتفع ثمنه حاليا ليصل إلى 1700 يورو، وفقا لما يقوله فان فيك.

ويضيف فان فيك أن “الأمر أصبح يشبه عملة البتكوين المشفرة، أي أنه سوق تمت إقامتها بشكل مصطنع وأخذت حجما مبالغا فيه”.
ويشير إلى أن النباتات الريانة -التي تنمو غالبا في أشكال هندسية جميلة أو غير عادية- تلقى طلبا عاليا، خاصة في آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية.

ويطور الباحثون في حدائق النباتات الملكية في كيو بإنجلترا خوارزميات تعمل بالذكاء الاصطناعي، للمساعدة في تصفح مواقع الإنترنت بحثا عن معلومات حول التجارة غير المشروعة في النباتات المعرضة للخطر.

لصوص النباتات
وتتمثل فكرة الباحثين باستخدام مزيج من الخبرة بالنباتات وعلم الجريمة وتكنولوجيا الاتصالات، لتحليل السلوكيات على شبكة الإنترنت، والكشف عن مواقع اللصوص وتجار النباتات بشكل غير قانوني.

ويمثل هذا سباقا مع الزمن لحماية هذه النباتات، وفي تشيلي أصبحت التجارة غير القانونية في نبات كاكتي -وهو نوع من الصبار له أزهار ملونة، وفائق الندرة- واحدة من أكثر الأنشطة التي تجلب الأرباح لشبكات الإجرام في هذه الدولة.

ويوضح عالم النباتات بابلو جيوريرو -من جامعة كونسبسيون في تشيلي- أن حصيلة هذا النشاط غير المشروع تتراوح بين 5 مليارات و33 مليار دولار سنويا.

ويقول مدير قسم الغابات بمدينة أنتوفاغاستا في تشيلي كريستيان سالاس إن هواة جمع النباتات يرغبون بشكل خاص في الحصول على نبات صبار كاكتي الذي يوجد في منطقة معينة فقط.

وقبل عام عثر شرطي على هذه النوعية من نبات الصبار الذي ينمو بصحراء أتاكاما في تشيلي أثناء حملة أمنية في مقاطعة أنكونا الإيطالية.

مصادرة الصبار المهرب
وقال سيمون شيشيني -من الشرطة الإيطالية- “تمت مصادرة نحو ألف نبتة من هذه النوعية، كانت الواحدة منها تباع بمبلغ يتراوح بين ألفين و5 آلاف دولار”.

كما عانت المكسيك بشدة من تهريب نبات الصبار، وذكرت سلطات البيئة المحلية أن المكسيك تنفرد بوجود 518 نوعا من الصبار من إجمالي الأنواع التي يبلغ عددها على مستوى العالم 1400 نوع.

وفي إقليم كيب فلورال بالمنطقة الجنوبية الغربية من دولة جنوب أفريقيا -وهي منطقة أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في قائمة التراث العالمي لديها- وكذلك في منطقة ناماكيوالاند بأقصى الشمال -والتي تشتهر بالتنوع الحيوي- تنمو عشرات من أنواع النباتات التي لا يمكن العثور عليها في أي موقع آخر في العالم.

ولا يزال المهربون لا يبالون بالأضرار التي ألحقوها بثروة هذا الإقليم الطبيعية، وصادرت السلطات العام الماضي قرابة 150 كيلوغراما من النباتات المحمية، وفقا لما ذكرته منظمة “كيب نيتشر” البيئية الحكومية.

ويحذر فان فيك قائلا “إن ما نراه حاليا هو الخسارة السريعة والشاملة لأنواع كاملة من النباتات”.

الحياة البرية مهددة
وفي منطقة ناماكيوالاند أسفرت عملية مداهمة قامت بها الشرطة في منتصف 2020 عن إلقاء القبض على 4 مهربين متلبسين في جانب من طريق ريفي وهم يحاولون بيع مجموعة من النباتات الخاضعة للحماية تقارب قيمتها 134 ألف دولار.

ويمكن لهذه النباتات البقاء على قيد الحياة فقط بعد انتزاعها من الأرض برعايتها داخل حضانات نباتية ترعاها أطقم مدربة.

وقال ضابط الشرطة كاريل دو توا -الذي يرأس وحدة خاصة لمكافحة تهريب النباتات- لمحطة “كيب توك” الإذاعية “هذه هي المأساة الكبرى، لأن الحياة البرية فقدت إلى الأبد”.

الجزيرة