لبنان “المريض” لساسته: لن أصحّ إلا “باستئصالكم”

اخبار بارزة, خاص 22 أيلول, 2021

كتبت

Aya Hamdan

كتبت بشرى الوجه لـ”ليبانون نيوز”:

في حوار أجراه مع بيغي اندرسون وبثّته شبكة “CNN”، قبل أيام، قال الرئيس نجيب ميقاتي إنّ “لبنان مريض في حالٍ سيئة جداً وأنه ملقىً في مرحلة ينازع أمام طوارئ المستشفى، في انتظار الأخ الأكبر العربي، ليأتي وينقله إلى غرفة العمليات لإجراء الجراحة، ثم إلى العناية الفائقة، على أمل أن يخضع بعدها لفترة من النقاهة قبل التعافي النهائي”.

يا دولة الرئيس، ويا فخامة الرئيس، ويا “كل مسؤول” يتسوّل مساعدةً لإنقاذ لبنان من الموت المحتّم، لو كان لهذا البلد المريض لساناً لصرخ في وجوهكم الماكرة وضمائركم النائمة، وقال:
كيف لكم أن تطلبوا المساعدة من شقيق أو صديق وأنتم السبب في الأمراض المستعصية والمميتة التي أصابتني! وأنتم مرضي والورم الخبيث الذي انتشر في جسدي وكافة مفاصلي وأضعف نبضي..
أنا ذاك البلد الصغير، الذي كان واحة مالية ومركزاً للأعمال.
وأنتم ذاك الورم الذي حولني إلى بلد لا مال فيه ولا أعمال، بلد فاشل اقتصادياً، يعاني من انهيار مالي.
أنتم من أفلستم مصارفي، وسرقتم ودائع أبنائي وأفقرتموهم وجوعتموهم، والآن تمنّون عليهم من فتات ما سرقتموه منهم وهرّبتموه، حقاً يصح بكم قول الروائي غسان كنفاني: “يسرقون رغيفك .. ثم يعطونك منه كِسرة .. ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم .. يالوقاحتهم”.

أنا، كنت أتغنى بصداقاتي وعلاقاتي.. قبل أن تسلخوني وتعزلوني عن العالم فبتّ دون شقيقٍ أو حتى صديق، وأصبحت فريسة لأطماعكم الوحشية.
واليوم تطلبون من الأصدقاء الذين تمرّدتم عليهم المساعدة!
أنا كنت “مستشفى الشرق” ومنارتَه الصحية المضيئة، واليوم، أصبحت في العناية الفائقة، وجسدي أعضاؤه الحيوية تنهار تحت أكوام من المصائب، أما أبنائي من الأطباء والطواقم الطبية فهم يومياً يحتشدون على أبواب المطار هرباً من هذا الواقع!
أنا قد كنت أيضاً مركزاً ثقافيا وإعلامياً، والكل يتغنّى باحترامي لحرية التعبير وتقديري للصحافة، واليوم جعلتموني بلد القمع، فما تركتم ناشطاً إلا ولاحقتموه، ولم تتركوا صحافياً حرّاً إلا وحرضتم عليه.
وتماديتم، فباتت ألقابكم مقدسة تمنعون النطق بأسمائكم بدونها!

أنا، يا أنتم، كنت أصدّر “نوابغ العلم”.. واليوم مدارسي وجامعاتي ذاهبة إلى المجهول.
أما أبنائي الطلاب، فجميعهم ينتظرون تأشيرة هجرة إلى أي بلد يستقبلهم ويضمن حقوقهم ومستقبلهم.

أنا اليوم، بلد، يموت أبناؤه على الطرقات وبين صهاريج المحروقات، وفي طوابير البنزين.
أنا اليوم دولة فاشلة أمام العالم، ليس فيها من يستحي، ولا من يُصلح، ولا من يُحاسب، ولا من يستقيل.
ما الذي تريدونه؟ هل تطمحون لتدميري كي تقيموا لبنان على شاكلتكم؟!

أما من يُريدون حقاً شفائي، فعليهم باستئصال دائي..
وسياسيو لبنان هنا هم سبب كل مصيبة ومرض وعلّة حلّت بي.
وأنا لن أصحّ إلّا باستئصالهم جميعاً.. ولا يُمكن لهذه الجراحة أن تتمّ إلا على أيدي أبنائي.. إلا على أيدي الشعب.