الجزائر والمغرب.. “مخاوف أمنية” تغذي التوتر

عرب وعالم 24 أيلول, 2021

كتبت

Aya Hamdan

نشر موقع “الشرق” تقريراً تحت عنوان: “الجزائر والمغرب.. “مخاوف أمنية” تغذي التوتر”، وجاء فيه:

في تصعيد جديد للتوتر بين البلدين الجارين، أعلنت الجزائر، الأربعاء، منع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية من التحليق فوق أجوائها، متهمة المملكة بمواصلة “الاستفزازات والممارسات العدائية” تجاهها، وسط شكوك بشأن ما يمكن أن يتجه إليه مسلسل التصعيد بين البلدين، الذي بدأ بقطع العلاقات الدبلوماسية، قبل أسابيع.

وقالت الرئاسة الجزائرية في بيانها، إن “المجلس الأعلى للأمن قرر الغلق الفوري للمجال الجوي الجزائري على كل الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، وكذا التي تحمل رقم تسجيل مغربي”، مشيرة إلى أن القرار اتخذ خلال اجتماع للمجلس “لدراسة التطورات على الحدود مع المملكة المغربية، بالنظر إلى استمرار الاستفزازات والممارسات العدائية من الجانب المغربي”.

ad

حظر الطائرات المغربية.. تفسيرات وتبريرات للتصعيد الجزائري الجديد

الجزائر تُغلق مجالها الجوي أمام الطيران المغربي

“مخاوف أمنية”

وفيما لم يصدر بعد أي رد فعل رسمي من المغرب على خطوة الجزائر الأخيرة، ذكر مصدر في شركة الخطوط الملكية المغربية، أن القرار الجزائري “لن يؤثر إلا على 15 رحلة أسبوعياً تربط المغرب بتونس وتركيا ومصر”، مشيراً إلى أن الرحلات المعنية قد تغير مسارها لتمر فوق البحر المتوسط.

المحلل السياسي المغربي وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس بالرباط، تاج الدين الحسيني، اعتبر أن التصعيد الأخير من الجزائر، نوع من “استعراض القوة تجاه المغرب”.

وقال الحسيني في تصريحات لـ”الشرق”، إن هذه الخطوة “محاولة فتح نافذة خارجية للمواجهة، من أجل إخماد قوة الحراك السياسي الداخلي”، لكن المحلل السياسي الجزائري عبد الرحمن بن شريط، قال إن الإجراءات التي اتخذتها السلطات “جاءت بعدما استنفذت الجزائر كافة إمكانيات فتح قنوات حوار مع الجانب المغربي”.

وأكد بن شريط لـ”الشرق”، أن القرار الجزائري جاء بعد مخاوف أمنية “خاصة فيما يتعلق بدعم المغرب لمنظمة الماك (التي تطالب باستقلال منطقة القبائل)”.

ad

مواجهة مستبعدة

أستاذ القانون الدولي في جامعة محمد الخامس بالرباط، تاج الدين الحسيني، قال لـ”الشرق”، إن القوانين الدولية، خاصة معاهدة شيكاجو المتعلقة بالطيران المدني، تنص على احترام الدول للمرور الحر لطائرات لدول الجوار فوق أجوائها، مؤكداً أنه “لا يمكن التنصل من هذا الالتزام إلا في حالات جد استثنائية كاندلاع الحرب”.

اعتبر الحسيني، أن الجزائر “تتجه من خلال قراراتها الأخيرة نحو سلوك الحرب، خاصة في ظل الترخيص الذي منحته قوات الدرك والمخابرات الجزائرية للبوليساريو باستخدام السلاح في مواجهة الجدار الأمني المغربي”.

لكن المحلل السياسي المغربي استبعد دخول البلدين في مواجهة عسكرية، مشيراً إلى أنه حتى في المواجهات التي حدثت سابقاً بين البلدين في السبعينيات ظلت محدودة في منطقة أمغالا، وتمت تسويتها بشكل ودي بعد تدخل من الرئيس المصري السابق حسني مبارك، والعاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبد العزيز.

ad

بدوره اعتبر المحلل السياسي الجزائري عبد الرحمن بن شريط، أن القرارات التي اتخذتها الجزائر هي “مجرد ردود أفعال”، مؤكداً أن القرارات التي اتخذتها السلطات الجزائرية تأتي لـ”تجنب التصعيد العسكري، فالقوات العسكرية الجزائرية تستطيع حماية نفسها (…) وعلى الطرف المغربي أن يفكر ملياً قبل أي إجراء من هذا القبيل”.

مخاوف التقارب مع إسرائيل

من جهته، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاضي عياض بمراكش أن قرارات الجزائر الأخيرة تجاه المغرب “مجرد وسيلة لتصدير أزمات داخلية اجتماعية وسياسية، من خلال خلق أعداء وهميين”، مشيراً إلى “انزعاج السلطات الجزائرية مما أضحى يحققه المغرب من نجاحات، خاصة في ملف الصحراء، إثر اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء” المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو.

ولطالما شكل ملف الصحراء مصدراً أساسياً لتوتر العلاقات بين المغرب والجزائر، التي تدعم جبهة البوليساريو المطالب باستقلال الصحراء، وهو الإقليم الذي يعتبره المغرب جزءاً من أراضيه ويقترح في المقابل منحه حكماً ذاتياً تحت سيادته.

ad

لكن المحلل السياسي الجزائري، عبد الرحمن بن شريط، الذي أقر بأزمات تعيشها الجزائر داخلية، رفض ربط أي مشاكل داخلية بالقرارات المعلن عنها تجاه المغرب، وقال إن ما أقدمت عليه الجزائر يأتي “حفاظاً على سيادتها وأمنها الداخلي”، مشيراً إلى أن هناك “مخاوف في الجزائر من التقارب المغربي مع إسرائيل”.

وتتهم الجزائر كلاً من المغرب وإسرائيل بدعم منظمتين صنفتهما إرهابيتين هما “حركة تقرير مصير منطقة القبائل” (ماك)، والحركة الإسلامية “رشاد” ومقرها في لندن. واتهمت الجزائر “ماك” بإشعال الحرائق الضخمة التي اندلعت في منطقة القبائل (شمال شرق)، وأسفرت عن 90 قتيلاً.

وفي آب الماضي عقد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اجتماعاً استثنائياً للمجلس الأعلى للأمن، خُصص لتقييم الأحداث الأخيرة، وما قال إنها “الأعمال العدائية المتواصلة من طرف المغرب، وحليفه الكيان الصهيوني ضد الجزائر”، في إشارة إلى إسرائيل.

وقال بيان الرئاسة الجزائرية، إنه “بسبب الأفعال العدائية المتكررة من طرف المغرب ضد الجزائر”، فإنه تقرر “إعادة النظر في العلاقات بين البلدين، وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية”.