لبنان “اقتصادياً” أسوأ من فنزويلا: هل ينقذنا صندوق النقد الدولي؟

اخبار بارزة, خاص 30 أيلول, 2021

كتبت

Aya Ghayad

كتبت كارول هاشمية لـ”ليبانون نيوز”:

أدّى الانهيار المالي في لبنان، وتفاقم الأزمة الاقتصادية وخروجها عن السيطرة، إلى ارتفاع كبير في مؤشر التضخم في العامين الماضيين.
كل هذا والسلطة الفاسدة لم تحرّك ساكناً للتخفيف من وطأة هذا الواقع.

وبالعودة إلى الأرقام التي نشرتها مؤخراً إدارة الإحصاء المركزي، فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 137.8 % عن شهر آب من العام السابق، مقارنةً بـ 123.4 % في تموز.
أما أسعار المستهلك فقد ارتفعت بنسبة 10.25 % عن الشهر السابق، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 20.82%.
في حين انهار الاقتصاد، بنسبة 30% منذ العام 2017، ومن المتوقع أن نشهد انهياراً أكبر خلال العام المقبل.
في السياق نفسه، توقّع معهد التمويل الدولي أن ينكمش الاقتصاد اللبناني بنحو 8% في عام 2021 مقارنة بـ 26% في عام 2020.

سوداوية المشهد اللبناني لم تقف عند هذا الحدّ، فالليرة اللبنانية فقدت 90% من قيمتها، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية عشرات الأضعاف منذ أيار 2019.
الوضع الاقتصادي السيّء انعكس أيضاً على سوق العمل، فأكثر من نصف اللبنانيين هم اليوم “بلا عمل”، وما يزيد عن 75% من الشعب هم اليوم تحت خط الفقر.

هذا المناخ “المتلبّد” دفع الكثيرين إلى الهرب، فكانت الهجرة هي الحلّ لمن استطاع إليها سبيلاً، أما من لم يستطع، فبقي يقاوم الأزمة الاقتصادية والصحية، ففيروس كورونا ألحق أيضاً بلبنان خسائر اقتصادية وبشرية فادحة كما أضعف القطاع الصحي، والذي بقي صامداً حتى جاء انفجار 4 آب، وحالياً أزمة المازوت والاستيراد!

ولأنّ السلطة مفلسة، وعاجزة، كان الاتجاه إلى رفع الدعم، وتكريس الاستيراد وفق سعر الصرف في السوق السوداء. مع الإشارة إلى أنّ الخيار “المر” جاء بعد تأكيدات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إلى عدم إمكانية الاستمرار بسياسة الدعم مع وصول الاحتياطي الإلزامي لمصرف لبنان إلى الخط الأحمر.
ومن المتوقع في ظلّ كل هذه التطوّرات، أن نشهد انخفاضاً أكبر في الناتج المحلي الإجمالي، بسبب الأزمة وانهيار العملة والغرق في الديون.

في ظلّ كل هذا، لا بدّ من السؤال: هل صندوق النقد الدولي هو الحل؟!
بداية، تستعد الحكومة التي شكلّها نجيب ميقاتي بعد 13 شهراً من الفراغ، إلى استئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي، وإلى بدء المحادثات الرامية لإعادة هيكلة الديون.
وكان لبنان قد تسلّم من صندوق النقد 1.135 مليار دولار وذلك بدل حقوق السحب الخاصة “إس دي آر” (SDR).
هذه الأموال يمكن اعتبارها رداً، على مطالبة رئيس الجمهورية ميشال عون كل من صندوق النقد والبنك الدولي والصناديق الإقليمية والدولية بمساعدة لبنان.
غير أنّ الواقع ليس بهذه السهولة، فالحكومة الحالية ليست إلا نسخة مشوّهة لحكومات متتالية فشلت في إدارة البلد حتى وصلنا إلى قعر الأزمة، كما أنّ الوزراء، وإن كان بعضهم من أصحاب الاختصاص، إلاّ أنّهم يتبعون للأحزاب السياسية التقليدية نفسها التي أغرقت البلد في الفساد.
والشكوك المحلية والإقليمية والدولية حول قدرة هذه السلطة على تحقيق الإصلاح، تعدّ مؤشراً سلبياً، في إمكانية الحصول على مساعدات وتمويل.

وبالعودة إلى صندوق النقد الدولي، فهو ليس الحل، ومن المرجح أن تؤدي “خطة الإنقاذ” المزعومة، إلى زيادة التدهوّر، فالطبقة السياسية تعارض الإصلاحات الجذرية لإعادة هيكلة القطاع المالي، كما تعارض التدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي.
ومن المتوقع أن يتحمل الفقراء عبء أي خطة إنقاذ، فستختار السلطة الطريق الأسهل عوضاً عن اجتثاث الفساد من جذوره وإعادة تنظيم مفاصل الدولة.
كما أنّ القروض التي ستمنح للبنان، لن تكون إلاّ “حبة مسكّنة”، في ظلّ غياب أيّ سياسات إصلاحية، وبالتالي ستنفجر الأزمة الاقتصادية أكثر وأكثر بعد مدّة وجيزة.
مع الإشارة إلى أنّ مساعدة صندوق النقد الدولي ترتبط بشروط قاسية جداً، وهذه الشروط ترتبط بالدرجة الأولى، بالخدمات العامة والمعونات وقيمة العملة، ما يعني أننا مقبلون على أزمات اجتماعية لا حسيب لها ولا رقيب.