عشريني يعيش وسط الغابات… اليكم التفاصيل

منوعات 13 تشرين الأول, 2021

يتمسك العشريني ابن مدينة عنابة الجزائرية حسام منام ببيت المتنبي القائل “الخيل والليل والبيداء تعرفني”، ليتخذه أسلوب حياة؛ فيقضي معظم وقته على حصانه ويختلي بنفسه في البراري هروبا مما يصفه بـ”زيف المدينة وضوضائها”.
بعيدا عن صخب عنابة الساحلية (500 كيلومتر شرق العاصمة) يقضي حسام (27 سنة) ليالي مع “رايس” الحصان الذي غيّر حياته ونظرته للعالم.

فارس المدينة
لا يمكن أن يراه سكان مدينته إلا وهو مرافق لحصانه، سواء وسط الشوارع الكبرى أو على شاطئ البحر، وفي أحيان كثيرة يغيب منزويا داخل مزرعته البيولوجية التي أسسها مع شقيقه.

يروي حسام قصة تسميته “فارس المدينة”، وكيف أصبح يتجول وسط العمران والطرق بحصانه، حيث تعود القصة لسنة 2016، حين طرد ناد للفروسية في إحدى المدن المجاورة لعنابة حصان حسام من الحظيرة.
ولم يجد وقتها الشاب الجزائري مكانا يضعه فيه، فاضطر لاصطحابه معه لمنزله الصغير بحيّه الشعبي. ويتذكر هذا الشاب المرة الأولى التي قرر فيها مرافقة حصانه للشاطئ البحري قاطعا مسافة كيلومترات عن بيته، مارا بوسط المدينة بين المارة والسيارات والبنيان”.

في عشق الخيل
يقول حسام للجزيرة نت “كان (رايس) يحتاج لجولة لأنه تعود في نادي الفروسية على الحرية، الأمر الذي استلزم مني نقله إلى الشاطئ كي يخرج طاقته، فقد شعرت بحزنه وهو مكبل أمام باب منزلنا، واخترت وقتها ألا أبعده عن عالمه، وأن أعيش بدوري داخل ذلك العالم”.

قرر حسام بعدها -مع شقيقه- تأسيس مزرعة بيولوجية من أجل “رايس” وجميع الحيوانات التي تحرم من بيئتها نتيجة الإقصاء، ويعتني اليوم الشابان بمجموعة من الحيوانات بوصفهما في مجال البيطرة.

اختار الشّقيقان تخصص طب وتمريض الحيوانات “حبا في الطبيعة والحيوان”، ورغم كبرهما وسط مدينة عنابة التي تعج بالتّمدن والحياة فإنهما اختارا حياة البراري.
لا يتمنى حسام عكس أبناء جيله الحصول على سيارة فارهة، بل يحلم بامتلاك خيل عربي أصيل من سلالة “الشقب”، ويقول إن ما يشده لهذا الحصان “الوفاء والقوة والنعومة والجمال والحنان والشعور بفارسه، كل تلك الصفات تجتمع في كائن واحد، لا يمكن أن تجتمع هذه الميزات في شخص أو آلة مهما كانت متطورة”.

التطوّع
يعمل حسام حاليا من الحين للآخر على التطوع في تدريب أطفال التوحد على ركوب الخيل، ويعتقد أنه يملك طريقة فريدة في ترويض الخيل وتعليم ركوبها، وابتكرها من وحي خبرته مع “رايس” الذي عاش معه مختلف الظروف.

يتنقل اليوم حسام بحصانه لقضاء حاجاته اليومية من الإدارات وسط ولايته، ويسابق السيارات ويدخل بينها وسط زحمة المدينة المختنقة، لا يستغربه “العنابيون”، بل تعودوا على رؤيته وهو يربط حصانه أمام البلدية أو مركز البريد أو السوق بدل ركن سيارته.

يعتقد حسام أن “العمر أقصر من أن نهدره وسط تناقضات المدينة، وأن الإنسان خُلق ليسيح في الأرض الواسعة لا ليلهث خلف النّسق السريع للمدينة”.

(الجزيرة)