إنّه الشتاء الأصعب… بيروت ستغرق في نفاياتها!

كتبت
Aya Ghayad
كتبت هانية رمضان لـ”ليبانون نيوز”:
أزمة النفايات هي واحدة من أكثر الأزمات التي تضرب العاصمة بيروت ما بين آونة وأخرى منذ العام 2015. اليوم عاود مشهد النفايات الظهور وسط الأزمات التي تتراكم يومياً، حيث باتت أرصفة العاصمة على موعد سنوي لاستقبال أكوام القمامة، فهل من حل “مبدئي” قبل حلول فصل الشتاء؟
الإجابة لا طبعاً، فلو كان من مجيب لما كانت رائحة هذه الأزمة فاحت في شوارعنا!
مطمر الناعمة
بدأت جبال النفايات بالتراكم على أرصفة العاصمة في العام 2015، بسبب عدم توفر مكب لنقل النفايات إليه وذلك بعد إغلاق مطمر الناعمة آنذاك بقرار من وزير البيئة الأسبق محمد المشنوق الذي لم يكن بجعبته حلولاً بديلة.
وفي ذلك الوقت ظهر “فلاسفة” الحلول السريعة فمنهم من فكر بتصدير قمامة العاصمة إلى مناطق أخرى، فيما اقترح البعض الآخر حرق أكوام النفايات متناسين الأضرار البيئية الجسيمة ، وفي كلتا الحالتين كان الهدف واحد وهو القضاء على البيئة .
وقد ظهرت حينها مجموعة عُرفت بـ”طلعت ريحتكم” وطالب شبابها بحلّ أزمة النفايات المتراكة في بيروت، ليتبين لاحقاً أنّ أزمة النفايات ليست الأزمة الوحيدة التي عليهم المطالبة بحلها، بل هناك أزمات عدة كالكهرباء والمياه والاستشفاء واستقالة الطبقة السياسية الفاسدة التي كانت وما زالت تحكم.
أزمة النفايات في تلك المرحلة لم تصل إلى حل جذري، فعمدت السلطة الفاسدة إلى اللجوء إلى حلولٍ مؤقتة ومضرة بالبيئة.
مطمر الكوستابرافا
بعد مرور ثلاث سنوات على إقفال مطمر الناعمة طرح العديد من الاختصاصيين حلولاً عدّة، ووضعت جمعيات بيئيّة دراسات للاستفادة من النفايات. ومن بين جميع هذه الحلول، لم تلجأ الحكومة إلاّ إلى البحث عن سبل نقل النفايات من مكبٍّ صغير إلى مكبٍّ أكبر ولكنه بعيدٌ نسبياً، فاتُّخذ حينها قرار بفتح مكبي نفايات أولهما في برج حمود والثاني في الكوستابرافا – كحلٍّ مبدئي كالعادة- ومن دون التطلع إلى الآثار السلبية التي ستحصل جراء استقبال هذه المطامر لأطنان النفايات.
فمطمر برج حمود كان قريباً من مواقع سكنية، أما مطمر الكوستابرافا فهو لا يبعد كثيراً عن مطار بيروت الدولي، وعلى الرغم من العلم المسبق بخطورة هذا القرار على سلامة الطيران، إلا أنّ الدولة قررت المضي به، فتحولت الأزمة من أزمة مطمر إلى أزمة “النورس”. وكالعادة وتحت مسمى “الحلول المؤقتة” تم الاتفاق على قتل الطيور لتحيا الروائح الكريهة، ليقفل مطمر الكوستابرافا أبوابه لمدة قصيرة جراء التهديدات قبل أن يعاد فتحه بوعود حكومية وحلول سريعة.
“الحلول المؤقتة” ما هي إلا جبال من النفايات وما هي إلا وعود مخدرة وعلى المواطنين أن يتفهموا الوضع وأن “يطولوا بالن” على الدولة الساهرة على مصالحهم.
النفايات عادت وبقوة
أما اليوم، فعادت أزمة النفايات بقوة وببركة “الدولار” خطت هذه الأزمة أولى خطواتها على أرصفة بيروت وتمركزت في الأحياء، والدولة في سباتها العميق.
وبدأت التبريرات والتحليلات في الظهور وعدنا من جديد إلى تراشق التهم الوزارية والبلدية، فمن ارتفاع سعر المازوت إلى ارتفاع كلفة اليد العاملة، كلها مبررات تؤكد أنّ الدولة ليس بجعبتها أيّ حلول. وبالتالي فإنّ فصل الشتاء سيدق الأبواب هذه المرة دون أن يحمل معه الخير، فالعاصمة ستستقبل الشتاء بفيضانات من النفايات.
بيروت اليوم أصبحت راضية بأيّ حل ولو كان مؤقتاً للاستراحة من عبء النفايات، ولكن حتى الأمل بحل مؤقت بات بعيداً كل البعد فرئيس بلدية بيروت ما زال يتمنى “الوصول إلى حل في القريب العاجل لكن الموضوع صعب”، ومدير عام رامكو المتشائم، صرّح “أن النفايات ستتكدس أكثر مع الأيام لتصل إلى 80 في المئة”.
فمن يتحمل اليوم مسؤولية النفايات المتراكمة في العاصمة بيروت؟ وهل من “حلول مؤقتة” بالفعل أو هي بالقول فقط؟