بين النقل والمصروف الطالب اللبناني يحتاج مليونًا ونصف شهرياً.. أما القسط فـ”على الله”!

اخبار بارزة, خاص 9 تشرين الثانى, 2021

كتبت

Aya Ghayad

كتبت بشرى الوجه لـ”ليبانون نيوز”:

لسنواتٍ عديدةٍ كانت أقساط المدارس العبء الأثقل على الأهالي، وكانت الصرخات تعلو بداية كلّ عامٍ دراسيٍّ في وجه مدراء المدراس.
لكن الوضع هذا العام اختلف، حتى ترحّم الأهالي على الأعباء الغابرة، أمام حِمل كلفة بدل النقل الذي لا قُدرة للجيوب على تحمّله، والذي أصبح يتخطى في الكثير من الأحيان الأقساط المدرسية.
وفي الوقت الذي لا زالت تحتسب أقساط المدارس فيه “على الليرة”، باتت تكلفة بدل نقل الطلاب “على الدولار”، وذلك وفق مسار سعر الصرف اليومي للدولار ووفق السلّم المتحرك لأسعار النفط في العالم.

سوسن، وهي أمّ لتلميذين، عمر (ثاني ابتدائي) وميرال (KG2)، لم تُسجّل أولادها هذا العام في المدرسة التي كانت قد اختارتها لهم نظرًا لمستواها التعليمي “العالي”، وذلك لأنّها تبعد عن منزلهم حوالي الساعة. فاضطرت إلى نقلهما إلى مدرسة قريبة من المنزل.
ورغم قرب المسافة، إلا أنّ تعرفة النقل لم ترحم العائلة، فارتفعت مرتين منذ شهر أيلول حتى الآن.
وتوضح سوسن لـ”ليبانون نيوز”، أنّ “تعرفة النقل التي تمّ الاتفاق عليها بداية العام الدراسي كانت تبلغ 200 ألف ليرة للتلميذ الواحد، ثم ارتفعت إلى 235، ووصلت هذا الشهر إلى 275. بينما يبلغ القسط المدرسي لكل ولد حوالي الـ4 ملايين ونصف في السنة”.
مع الإشارة إلى أنّ 275 ألف ليرة شهريًا، هو فقط لتعليم يقتصر على ثلاثة أيام في الأسبوع، وهذا الرقم ما زال مرشحاً للارتفاع.
واذا احتسبنا هذا المبلغ للتلميذين، عن عام دراسي كامل، نجد أنّ المجموع هو 4 مليون و400 ألف ليرة، أي ما يساوي القسط المدرسي، أما لناحية مصروف المدرسة اليومي لعمر وميرال، فيبلغ الـ40 ألفًا لكل يوم مدرسي، أي 480 ألف في الشهر، وأكثر من 3 ملايين و800 ألف في السنة.

كلفة نقل أولاد سوسن قد تُعتبر منخفضة نسبياً إذا ما قارنّاها بتكلفة النقل لدى مدارس أخرى، ففاطمة مثلًا تبلغ كلفة نقل أبنائها الثلاثة، مليون و200 ألف شهرياً، أي ما يساوي 9 مليون و600 ألف سنويًا، وهو مبلغ يفوق قسطهم المدرسي.
بينما المصروف اليومي، فتُقدّره فاطمة لأولادها الذين يذهبون إلى المدرسة 4 أيام في الأسبوع، بـ 45 ألف ليرة، أي 720 ألف شهريًا، و5 مليون و760 ألف سنويًا.

أمّا أحمد الذي يعمل ليلاً ونهاراً، كي يسجّل ولديه في مدرسة تُلبّي طموحاته التعليمية لهم، في وقت بات المستوى التعليمي في لبنان متدنيًا، فعليه أن يؤمن مبلغ 6 مليون ليرة للولد الواحد (ابتدائي وروضة) كقسط مدرسي. وجشع المدرسة لم يتوقف هنا، فالباص التابع لها، يريد مبلغاً وقدره مليون ونصف شهريًا لكل طالب، أي على أحمد أن يعطيه ثلاثة ملايين عن ولديه، فما كان من الأخير إلا أن فضّل تسجيل ولديه بباص غير تابع للمدرسة، علّه يكون بذلك عوناً لـ”شوفير معتر”.

المضحك في كل هذه الأرقام المخيفة، والتي هي في مسار تصاعدي مستمر، أنّ الحد الأدنى للأجور لا يزال يساوي 675 ألف ليرة لبنانية.
أما المؤسف أكثر فهو الشك في مستوى التعليم رغم كل هذه التكاليف، فالأهالي، لم يعودوا يضمنون تلقّي أبنائهم التعليم الذي يبتغوه بسبب المستوى الذي تدنّى كثيرًا في السنوات الماضية، متأثراً بجائحة كورونا والتعليم عن بعد من جهة، والأزمة الإقتصادية وتدني الرواتب من جهة أخرى.
وفي ظل هذا الواقع المأساوي، كم تلميذًا ضاع مستقبله بين من توقّف عن التعليم ومن تبدّل المستوى التعليمي عليه؟ وكم طفلًا سيكبر قبل أوانه على هموم وأزمات لا يستطيع أهله إخفاءها عنه؟
فمتى يحل المسؤولون أزمات التعليم المتعددة؟ ومتى يستفيق المواطنون من سباتهم وينتفضون على واقعهم من أجل مستقبل أبنائهم؟