بيروت “الميتة”.. من يسعفها؟

اخبار بارزة, خاص 17 تشرين الثانى, 2021

كتبت هانية رمضان لـ”ليبانون نيوز”:

منذ سنتين لم تعد بيروت تلك التي نعرفها، إقفالٌ تلو الآخر وانهيارٌ يجرّ الانهيار، ولم يعد في أسواقنا لا ماركات عالمية ولا فنادق خمس نجوم، وحتى المطاعم التي كنا نتسابق لتذوق أطباقها لفظت أنفاسها الآخيرة…

منذ سنتين ودّع اللبناني أسواق بيروت، تلك المنطقة التي كانت مقصداً لكل اللبنانيين، للتسوّق، وللتجوّل داخل قناطر السوق وبين أهم الماركات العالمية التي كان بريقها يضيء من بين الأزقة، وللجلوس في أهم المقاهي التي كانت تستقبل نخبة المجتمع، في هذه الأسواق كانت ترسم الخطط للإعمار وكانت توضع المشاريع الهادفة لتطوير لبنان.

أسواق بيروت اليوم أصبحت “منكوبة”، بعدما أفرغ بها الزعران حقدهم، فكسروا جدرانها، وأرصفتها، وأرهبوا محلاتها، كما أرهبوا المتظاهرين..

هذه الأسواق التي تحوّلت إلى مدينة “مهجورة”، عاد وعصف بها انفجار 4 آب، فقضى على ما بقي واقفاً من تجارها!

ومع دخول لبنان دوامة الأزمات، لم تنتظر أهم المتاجر العالمية كثيراً حتى أعلنت عن تصفية فروعها في لبنان والرحيل. صدمة إغلاق شركة “الشايع” متاجرها في لبنان والخروج بأقل الخسائر، دفعت بالمواطنين إلى التهافت إليه وشراء أيّ شيء كي يبقى ذكرى من بلد كان – ذات يوم- باريس الشرق.

“الشايع”، عندما أغلق كان متأكداً من استحالة النهوض، وأنّ الأزمات التي عصفت بالبلد عامة وببيروت خاصة كبيرة جداً، وتحتاج لمعجزة، فيما الدولة عاجزة تماماً عن وضع حد للانهيار الاقتصادي، فاكتفت بموقف المتفرج.

إلى ذلك لم تسلم بيروت حتى سياحياً، فهذه المدينة التي كانت تشتهر بمطاعمها الفخمة وبـ”السناك”، هي اليوم تودعها تباعاً.. ببساطة لم يعد هناك من طعم للعيش في بيروت، لم تعد المدينة تنبض، الشوارع مظلمة والمحلات مقفلة..

وكان البعض قد اعتقد بأنّ هذه المرحلة ستمر، وأنّ لبنان كما كل مرة سينتصر على أزماته، لكن الأيام أثبتت العكس، فالليرة مستمرة في انهيارها والخسائر الى ارتفاع، والقطاع السياحي يلفظ آخر أنفاسه بعدما أنهكت الواقع اللبناني أهم فنادق بيروت والتي كانت تعتبر الوجهة الأولى لكل سائح بدءاً من فندق البريستول وصولاً الى الفينيسيا والرامادا وغيرها…

منذ سنتين حذّر رئيس ​جمعية تجار بيروت​ نقولا شماس من هذا التدهور المالي الخطير، ومن إقفال أعداد كبيرة ومقلقة من المتاجر في وسط بيروت، ولكن أحداً لم يحرّك ساكناً..

لا نظام اليوم في شوارع بيروت، لا إشارات سير، لا قانون، السيارات تسير في حالة من التخبط والضياع، هو ضياع يشبه الدولة الفاشلة ولكنه لا يشبه بيروت.. لا يشبه هذه المدينة التي بات أهلها يعملون لإطعام عوائلهم ولملء فراغهم ولكن “بلا نفس”…

بيروت تنهار والمسؤولون يتخاذلون عن إنعاش ما تبقى منها…
بيروت، أصبحت شوراع مهجورة، ووجوهاً شاحبة تتنظر الفرج، وتتنظر يداً تنتشل العاصمة من دوامة الظلام.