العصفورية الجديدة

كتبت
Aya Hamdan
كتب عماد موسى في “نداء الوطن”:
تمنى رئيس حكومة لبنان محمد نجيب ميقاتي، ألّا نصل في سياق سبق الأغاني إلى أغنية “عالعصفورية” التي تجسّد واقعنا صيفاً وشتاءً في هذا العهد المبارك. أغنية “أهلا بهالطلّة” التي ألّفها ولحّنها وزير السياحة وغنتها الصبّوحة ترحيباً بالمصطافين والإخوة العرب، تبدو أغنية موسمية ومنفصلة عن النزاعات الدستورية وهستيريا الشارع وإحباط المواطنين. ومثلها “بحبك يا لبنان” الصالحة لبعض الحالات الوجدانية كالرغبة في البكاء أو السقوط في القنوط أو الإفراط في الإشتياق أو الغرق في كاس عرق متلّت بلدي أصيل.
وصلنا في شهر تموز 2022 إلى مفترق طرق: المسلك الغربي يقود إلى العصفورية المسلك الشرقي يؤدي إلى دير الصليب. إذا لفّ واحدنا وعاد من حيث أتى، فسيعود إلى جهنّم. في جهنم أو في العصفورية أو في دير الصليب يمكنك عزيزي المواطن أن تبرم لبنان مع أغنية وديع الصافي، جايين يا أرز الجبل جايين، اشتقنا لجبل نيحا لجبل صنين. تحت السما ما في متل لبنان… بالأحرى ما في عصفورية متل لبنان…
كان مصح العصفورية الذي أسسه المبشّر السويسري ثيوفيلوس فالدماير، مستشفى دولياً وأدّى دوراً بارزاً في تطوير مفاهيم الأمراض النفسيّة وممارسة الطبّ النفسيّ واختار فالدماير تلّة العصفوريّة ليحميَ المستشفى من مصادر الأوبئة مثل الكوليرا والتيفوئيد والطاعون التي كانت تجتاح المدنَ عبر طرق التجارة في البحر الأبيض المتوسّط… وفي خلال الحربين العالميّتين، عولج في مستشفى العصفوريّة ضباط وجنود من القوّات الأجنبيّة وقد تعاقب محتلّون كثر على هذا المشفى العالمي. هم رحلوا وبقي المجانين من أهل البلد.
وفي الأعوام الأخيرة باتت “العصفورية” مدرسة ونهجاً وخياراً ومنظومة وفعلاً تشاركياً ومنافسة في قلة الوعي وقلة المسؤولية وقلة العقل.
المجانين في كل مراكز القرار.
المجانين يشعلون سوق الدولار.
المجانين في القضاء. المجانين في الأحزاب. المجانين في قلب الثورة.
المجانين في الحمرا وفي جهنم الحمرا.
المجانين في القصور.
وحدهم مجانين الفن الأحياء، وعباقرته اعتزلوا وانسحبوا عن المسرح.
وحدهم مجانين الكرة يصنعون شيئاً من الفرح.
عذراً من السيد رئيس مجلس الوزراء (حفظه الله). وصلنا إلى العصفورية الفالتة من مكانها حيث لا أطباء ولا ممرّضون. فقط مرضى نفسيون سارحون في طول البلاد وعرضها ويبيحون لأنفسهم كل شيء. فلا حاجة لتمني ألّا نصل. “عصفوريتنا” لا تشبه العصفورية في زمن الحب وخفة الظل.”عالعصفورية /عالعصفورية وصّلني بإيدي وما طلّ عليي يا بيي. غنت الصبوحة لفيلمون وهبة”.
والصبوحة أيضاً غنّت لمن يعنيهم الأمر “يا ريت كل المجانين جنونن على شكل جنوني”.