لقاح كورونا بين الحذر العلمي وتفاؤل وزير الصحة… “لا شيء مؤكد حتى الساعة”

صحة 24 تشرين الأول, 2020

كتبت

Aya Hamdan

يترقب العالم سباق ال#لقاحات الذي يحتدم يوماً بعد يوم، ولكن هذه الآمال المعقودة على “لقاح سحري” يقضي على الوباء لا تمت إلى الواقع بصلة، إذ يؤكد بعض الأطباء وآخرهم أحد كبار علماء المناعة في العالم، البروفيسور البريطاني جون بيل، العالم البارز وأستاذ الطب في جامعة أكسفورد في بريطانيا، أن فيروس #كورونا باقِ إلى الأبد، وأنه سيتعيّن علينا ‏التعايش مع هذا الفيروس للأبد. الفرص ضئيلة جداً للقضاء عليه”.‏

منذ أسبوع أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن عن بشرى سارة ل#لبنانيين “عن أن وزارة الصحة حجزت عبر منصة #كوفاكس (التجمع العالمي للقاحات كورونا)، حصة لبنان من لقاحات كورونا والتي ستتوفر للبنانيين بالحد الأقصى في شهر كانون الأول أي قبل نهاية العام الحالي”. مشيراً إلى “احتمال كبير بالحصول على اللقاحات في شهر تشرين الثاني، والدفعة الأولى من اللقاحات ستتوفر في المرحلة الأولى لـ 20% من اللبنانيين، على أن يتواصل تدفق اللقاحات في الأشهر القادمة لجميع المواطنين اللبنانيين، بينما تتكفل المنظمات الدولية المختصة باللاجئين تأمين اللقاح بالتنسيق مع وزارة الصحة للسوريين والفلسطينيين المقيمين في لبنان”.

وبين آخر مستجدات التجارب السريرية ووفاة أحد المتطوعين بعد تلقيه لقاح أوكسفورد الذي تبين أنه تلقى علاجاً وهمياً وليس بسبب اللقاح، تصبح الآمال أكثر حذراً والتفاؤل مُعلّقاً إلى حين تسجيل نتائج إيجابية ملموسة. في محاولة لفهم آخر معطيات وزارة الصحة حول اللقاح، تؤكد الوزارة أن “الكمية غير محسومة والأمور بحاجة إلى وقت ولا شيء جديداً بموضوعه في ما يخص لبنان”.

ولكن ما أثار جدلاً كان الحديث في كيفية تأمين لقاح في أواخر الشهر المقبل، في حين ليس هناك بعد أي مؤشرات ايجابية على التوصل إلى لقاح نهائي وإنما تجارب ما زالت قيد التحقيق والتجربة. أما المشكلة الأكبر فتكمن في عدم وجود بعض العلاجات، ومنها دواء ريمدسيفير في لبنان، بالإضافة إلى انقطاع أدوية أخرى والحديث عن لقاح مرتقب غير ملموس.

يوضح الإختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور عبد الرحمن البزري لـ”النهار” أن “تفاؤل وزير الصحة مبني على تطور المفاوضات بين وزارة الصحة وبين تجمع “كوفاكس” لتأمين الدفعة الأولى والتي تشمل 20% من عدد سكان كل بلد.

أما السؤال الأساسي الذي يبقى فهو اقبال نجاح العلم ومختبرات شركات الأدوية ومختبرات البحوث في تأمين لقاح فعاّل وآمن. نحن نعلم أنه في عالم الطب يمكن اختصار التجارب على الدواء والإسراع في إعطائه، وإنما في اللقاح لا ينصح أحد بالإسراع في التجارب لأن سلامة اللقاح توازي أهمية فعاليته. لذلك نحن نعتقد أنه برغم من تقدم اللقاحات في #المرحلة الثالثة من تجاربها واختباراتها، إلا انه في الطب لا يمكن أن نُحسم نهائياً قبل أن نتمكن من الحصول على نتائج أخيرة وأكيدة”.

موأكد أن “في عالم الطب لا يوجد شيء مؤكد نهائياً وعلينا انتظار التجارب النهائية للتأكد من سلامة وفعالية اللقاح، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يحسم متى يمكن التوصل إلى اللقاح وتوفره في الأسواق، بالرغم من التطور الكبير الذي رافق عملية اللقاح. لذلك لا شيء مؤكداً حتى الساعة”.

في حال توصل العلماء إلى #لقاح آمن وفعال، من هم الأشخاص الذين يعتبرون أولياء للحصول علية؟ برأي البزري “كخبير في هذا المرض يمكن القول إن اللقاحات في حال وصولها إلى لبنان يجب إعطاؤها إلى المسنين والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، ومرضى نقص المناعة، والجسم الصحي والطبي والعاملين الصحيين لأنهم أكثر عرضة للخطر. أما آلية توزيع اللقاح وكيفية الحصول عليه، فيبقيان برسم الحكومة ووزارة الصحة. ولكن كأطباء لدينا توصيات واضحة من هم الذين يستحقون اللقاح قبل غيرهم، على أمل تعميم هذا اللقاح في المستقبل القريب في حال ثبتت فعاليته على غالبية الشعب اللبناني”.

وعما اذا كان متفائلاً في التوصل إلى لقاح في المدى القريب؟ يشير البزري إلى أن “امكانية الوصول إلى لقاح عالية جداً وأن التطور الطبي والعلمي يخدم هذه الإمكانية ويزيد من إحتمالها، ولكن علينا أن نعلم دائماً أنه أحياناً حتى في الطب 2 + 2 لا تساوي دائماً 4. وعلينا انتظار التجارب النهائية والتأكد من السلامة كما الفعالية، علماً أنه عندما نتحدث عن الفعالية يجب تأمين فعالية نسبية أي بنسبة 50% على الأقل حماية. وبالتالي هي تؤمن الحد من انتشار الفيروس في المجتمع اللبناني وتخفف من نسبة شدة الإصابة عند الأشخاص المعرضين للمضاعفات”.و

وفي ظل التحذيرات الصادرة من أكثر من جهة طبية وآخرهم الطبيب البريطاني حول أن الفيروس باقٍ برغم من انتاج لقاح، يشدد الإختصاصي في الأمراض الجرثومية على أن “ما يقوله الطبيب البريطاني فيه الكثير من الصحة، فالهدف من اللقاح هو حماية المجتمع من خلال تأمين نسبة معينة من الحماية أكثر من القضاء على الفيروس. لذلك يعتبر اللقاح مفيداً وفاعلاً للأشخاص المعرضين لمضاعفاته مثل كبار السن ومرضى الأمراض المزمنة والمناعة… حيث تكون الإصابة عندهم أخف وطأة في حال الحصول على اللقاح.

لذلك الهدف الأساسي من اللقاح في هذه المرحلة هو ليس القضاء على الفيروس بقدر ما هو القضاء على التأثيرات الصحية الخطيرة الناتجة عن الفيروس. وبالتالي ستسمح للعودة إلى الحياة تدريجياً ولكن لا يمكن أن نعود إلى ما كنا عليه قبل حدوث هذا الوباء حتى لو توفر اللقاح.

في حين يوضح الإختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور بيار أبي حنا أن “اللقاحات التي وصلت إلى المرحلة الأخيرة وهي التجارب على عدد كبير من المتطوعين قطعت شوطاً كبيراً، وفي حال أثبتت فعاليتها ومأمونيتها يحصل اللقاح على ترخيص اعطائها لكل الناس. لغاية الساعة لم نتوصل بعد إلى لقاح فعال وآمن ولكن هناك مؤشرات ايجابية حول بعضها. علينا انتظار النتائج الإيجابية وهناك أمل في التوصل في نهاية السنة إلى اللقاح المنتظر. صحيح أن هناك تفاؤلاً إلا أننا لم نصل بعد إلى حسم هذه الحقيقة الطبية في انتظاء انتهاء التجارب”.

وقبل التسويق إلى اللقاح، من المهم الإشارة إلى ان هناك بعض العلاجات غير المتوفرة اليوم في لبنان ومنها دواء Remdesivir ، وفي هذا الصدد يشير أبي حنا إلى أنه “سيكون دور اللقاح مهماً وسنبدأ بكسب المعركة ضد كورونا، خصوصاً عند الأشخاص المعرضين لمضاعفات والعاملين الصحيين. أما بالنسبة إلى الأدوية، هناك البلازما والاوكسجين وDexamethasone المتوفرة والتي تعطى لمرضى كورونا، ويبقى الدواء المثير للجدل وهو Remdesivir وصل إلى لبنان من خلال هبة مصرية إلا أنه استخدم بسرعة ولم يعد متوفراً نتيجة الطلب الكبير عليه. في حين يحاول البعض تأمينه من السوق السوداء بأسعار باهظة جدا”.

ويختم قائلاً “أنا متفائل بحذر، ومن المهم أن تكون الدراسات تستوفي الشروط وتثبت فعالية ومأمونية اللقاح حتى لا ننزلق في التسرع وان نحصل على لقاح مضر اكثر مما هو فعال”.

النهار