هكذا استخدمت إسرائيل الذكاء الاصطناعي لإغتيال قادة الحزب
كتبت كارول هاشمية للحقيقة
تزامنًا مع اختراق الذكاء الاصطناعي لكافة مجالات الحياة؛ فإن المجال العسكري يأتي في مقدمة تلك المجالات الذي أحدث نقلة نوعية كبيرة في استخدام الحلول المعرفية لتعزيز القدرات والاستراتيجيات العسكرية على المستويين التكتيكي والتشغيلي.
أن الحرب الحالية الدائرة بين “حزب الله” وإسرائيل أثبتت أنها ليست كسابقاتها بسبب اعتمادها بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي وأسلحة جديدة فائقة التطور.
كيف تستخدم إسرائيل الذكاء الاصطناعي في ملاحقة “حزب الله” واغتيال قادتها؟
تستخدم إسرائيل نظام توصية بالذكاء الاصطناعي، مكنها من معالجة كميات هائلة من البيانات لتحديد أهداف للضربات الجوية، حيث تعتمد القوات الإسرائيلية على تقنيات متقدمة لتحليل البيانات الضخمة .
تشمل استخدامات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق:
تحليل البيانات الاستطلاعية: يتم استخدام تقنيات التعلم الآلي لتحليل المعلومات المجمعة من الطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية، مما يمكن الجيش من تحديد الأهداف بدقة أكبر.
البصمة الصوتية:تكشف المصادر الأمنية عن عدة حوادث أكدت وجود اختراقات لشبكة الاتصالات اللبنانية، أبرزها كان في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 حين نفذت إسرائيل عملية على خلية من قوة “الرضوان” مؤلفة من خمسة أشخاص كانت مجتمعة في أحد المنازل بالجنوب، حيث اتصل أشخاص من رقم لبناني بأصحاب المنزل الذي قصف بعد دقائق من الإجابة على الاتصال، موضحاً أن الهدف كان التأكد من وجود المستهدفين داخل المنزل، مشيراً إلى أن الأمر نفسه تكرر مع أكثر من استهداف طاول مجموعات وأفراداً من “حزب الله”.
والجدير ذكره أن المتصلين يتحدثون مع “الهدف” باللهجة اللبنانية مستخدمين أرقام محلية منها أرقام لشخصيات ومسؤولين في الحزب.
و دفعت هذه الخروقات بالأمين العام لـ”حزب الله” إلى كتابة رسالة بخط اليد يشرح فيها خطورة استخدام الهواتف الذكية، مطالباً عناصر الحزب عدم استخدامها حتى في أوقات الراحة، إضافة إلى بيانات أخرى للحزب وبعض البلديات الجنوبية تطالب السكان بفصل كاميرات المراقبة عن شبكة الإنترنت وكذلك عدم نشر الفيديوهات والصور على مواقع التواصل الاجتماعي لتجنب إمكانية التعقب والمراقبة الإسرائيلية.
وبحسب مصدر أمني لبناني ، أن التقديرات الأمنية حول بعض الاغتيالات الدقيقة التي قامت بها إسرائيل في لبنان، تشير إلى استخدام بصمة الصوت التي يمكن أن تكشف الشخص حتى لو كان هاتفه مغلقاً أو حتى من دون شريحة.
استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي : تُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحديد من يحصل على خدمات معينة، مثل: التأمين أو القروض، مما يؤدي إلى انتهاك الخصوصية وحرية التعبير. ومن أمثلة ذلك أيضًا تقنيات التعرف على الوجه والتحليل التنبُّئِي، التي تُعتبر أدوات تُستخدم لتحديد الأفراد المستهدفين.
من جهة أخرى، استخدمت إسرائيل تطبيقا للذكاء الاصطناعي يطلق عليه اسم «لافندر»،وهو برنامج متطور يستخدمه جيش الاحتلال الإسرائيلي، مستفيدًا من كل الشركات، لتحديد الأهداف أثناء العمليات العسكرية، حيث يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل المعلومات.طورت وحدة 8200 نظام «لافندر»، وهي وحدة نخبة في الجيش الإسرائيلي على غرار وكالة الأمن القومي الأميركية.
لدى وحدة 8200 استراتيجية “العديد من البيانات وبرامج الذكاء الاصطناعي”، اللذين لهما دور رئيسي في كسب الصراعات بميدان المعركة، ومعالجة الكمية الهائلة من البيانات التي يتم جمعها عبر أجهزة الاستشعار، وتحويلها إلى معلومات واضحة، ويتم تنفيذ الاستراتيجية من خلال قسم ذكاء اصطناعي مركزي، تم إنشاؤه كجزء من التحول الرقمي الشامل للجيش الإسرائيلي، الذي دفع به رئيس الأركان الأسبق “أفيف كوخافي”، وتحدد استراتيجية الجيش سيناريوهات متعددة تتضمن استخدام أجهزة استشعار من منصات مختلفة لجمع البيانات بشأن التهديدات المحتملة، وإرسال تلك المعلومات إلى الأنظمة التي يمكنها الاستجابة، وتلك المعلومات يتم تجميع بياناتها من الجو والبر والبحر مع دمجها بالذكاء الاصطناعي؛ مما يخلق صورة مشتركة للقوات المسلحة الإسرائيلية.
• تكنولوجيا الأقمار الصناعية النانوية”: وهي نوع من الأقمار الصناعية خفيفة الوزن وصغيرة الحجم، ويعمل جنود نظاميون في الجيش الإسرائيلي على تشغيلها وصيانتها.
الكمائن الإلكترونية: يعتمد العدو الإسرائيلي على
الكمائن الإلكترونية من خلال الحسابات الوهمية لاصطياد البيانات الشخصية والوصفية للمقاتلين ونوعية عملهم، مما ساعد وسهّل على أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وأنظمتها التكنولوجية المتطورة والمدمجة مع تقنيات الذكاء الاصطناعي من تحديد الأهداف واستهدافها.
الكاميرات المزروعة في المنازل والاحياء: لجأ العدو الإسرائيلي الى الاستفادة من الكاميرات المزروعة في المنازل والاحياء والشوارع والمحال السكنية وقام باختراقها ،مما اضطر حزب الله لدعوة سكان البلدات الحدودية جنوب لبنان لتعطيل كاميرات المراقبة بمنازلهم ومتاجرهم.
هذا فضلًا عما تعرّضت له الهواتف الأرضية لمنازل الجنوبيين تحديدًا من اختراقات واتصالات مشبوهة من متحدّثين بلهجة لبنانية، يدّعون أنهم من جمعيات ومؤسسات رسمية أو خاصة وجمعيات خيرية واجتماعية وإحصائية وغيرها، وذلك للاستعلام عن عدد أفراد العائلة وأماكن تواجدهم، أو للسؤال عن احد أبناء العائلة (من المقاومين) للاطمئنان عنه وقد تعرّضت عدة منازل إثر هذه المكالمات لقصف إسرائيلي، بحسب مصادر وكالة الصحافة الفرنسية.
كيف استخدمت إسرائيل الذكاء الاصطناعي لقتل نصرالله؟
ان اغتيال الامين العام لحزب الله والقادة كانت ترتكز على التفوق التكنولوجي والتطور التقني. فإسرائيل سخرت كل ما تملكه من قدرات في مجال الذكاء الاصطناعي وأجهزة التجسس والطائرات المسيرة المتطورة وغيرها من الماكنة العسكرية لتحقيق هدفها،
لكن تفوّق إسرائيل عسكريا وتكنولوجيا لم يكن السبب الوحيد الذي ساهم في إنجاح عملياتها الأخيرة، بل تعرض حزب الله لخرق أمني بين صفوفه، من خلال عملاء (تم تجنيدهم من قبل العدو)يعيشون في مناطق تقيم فيها تلك القيادات للتجسس عليها والكشف عن أماكنها.
فالخرق البشري هذا، كان أداة مهمة تضاف إلى التكنولوجيا المتطورة، والتي ساعدت إسرائيل على تحديد مواقع قيادات حزب الله و الأمين العام واستهدافهم بدقة عالية.
استخدام الذكاء الاصطناعي في انتهاك حقوق الإنسان
تسليح الذكاء الصناعي” يمثل خطرا جديا، واستخدام أسلحة ذات ذكاء مستقل ولديها القرار والقدرة على إنهاء حياة بشرية هو أمر ينتهك حقوق الإنسان،وينبغي حظره حسب القانون .
في هذا السياق، حذر “جيمس جونسون” (الأستاذ بجامعة لستر في بريطانيا، والمتخصص في الدراسات الأمنية) في دراسة بعنوان “الذكاء الاصطناعي وحرب المستقبل: الآثار المترتبة على الأمن الدولي من التهديدات الأمنية العالمية التي ينطوي عليها استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، وانعكاساته على إعادة ترتيب موازين القوى.
وكان قد نشر “معهد مستقبل الحياة” (Future of Life Institute) رسالة ذكر فيها
“أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على منافسة الذكاء البشري بوسعها أن تمثل مخاطر هائلة على المجتمع والبشرية ككل”،
وتابعت هذه الرسالة: “ينبغي على أنشطة أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي أن تكون مركزة على جعل أنظمتها الحاذقة وبالغة التطور اليوم أكثر دقة، وأماناً، ووضوحاً، وشفافية، وقدرة، ومواءمة، وموثوقية، وإخلاصاً للحياة البشرية.
وخلال العام الماضي وثقت منظمة العفو الدولية “أمنستي” استخدام إسرائيل لتكنولوجيا التعرف على الوجه ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وأطلقت عليه اسم “الذئب الأحمر” وهو شبكة مراقبة متنامية باستمرار ترسخ سطيرة الحكومة الإسرائيلية على الفلسطينيين.
وقالت الأمينة العامة للمنظمة، أنياس كالامار، في أيار الماضي “إضافة إلى التهديد المستمر باستخدام القوة البدنية المفرطة والاعتقال التعسفي، يتعين على الفلسطينيين الآن مواجهة خطر تعقبهم بواسطة خوارزمية أو منعهم من الدخول إلى أحيائهم.