اغـ. ـتيال نصـ. ـرالله وصـ. ـفي الدين خـ ـرق داخلي… وخيوط الفضيحة بدأت تتفكك!!
يتكشّف مع الأيّام أنّ “الحزبَ” بدأ بإمساك خيوطِ الخروقات الهائلة في هيكليّته، التي أدّت إلى انكشافِ قياداته ومقـ ـاتليه وحتّى منشآت تصنيع وتخزين أنواعٍ معيّنة من الصّـ.ـواريخ والذّخائر في الجنوب والبقاع والضّاحية الجنوبيّة لبيروت.
كما يكشفُ خبيرٌ أمنيّ مطّلع على هيكليّة الحزبِ أنّ أحدَ مسؤولي ما يعرَف بـ”وحدة الأمكنة”، أو كما تسمّى في أوساط الحزب بـ”الأماكن”، ويدعى “الحاج حمزة” السّبلانيّ، كانَ المسؤول عن تسليم إسـ ـرائيل كلّ الدّاتا المرتبطة بأماكن وجودِ المسؤولين في “الحزبِ” في أيّام السّلم، والمقرّات الاحتياطيّة لهم في أيّام الحـ ـربِ، والمنشآت القياديّة والعسكريّة السّريّة.
فيما لم يتوقّف الخرقُ عند هذا الحدّ. إذ تبيّن أيضاً أنّ أحد مسؤولي وحدة “الإشارة” (الاتصالات) في “الحزبِ” قد فرّ إلى الدّاخل الإسـ ـرائيليّ مع اشتداد الحـ ـربِ الإسـ ـرائيليّة على “الحزبِ”، كما أنّ عدداً من القياديّين والعناصر تواروا عن الأنظار في الفترة الزّمنيّة نفسها، ومنعهم “الحاج حمزة” الذي تبيّن لاحقاً أنه سافر إلى باريس من المطار.
ما هي وحدة “الأماكن”؟
تعتبر وحدة “الأمكنة” أو “الأماكن”، التي يرأسها القياديّ محمّد علي بحسون (الحاج عادل) الذي اغتـ ـيل في الغـ ـارة التي استـ ـهدفت صفيّ الدّين، من أكثر الوحدات سرّيّة وحساسيّة في الحزب.
إذ يقعُ في اختصاصِ عملها بناء وتخطيط وصيانة وتحديد المراكز والمكاتب والعقارات الآمنة لقيادة الحزبِ من رأس الهرمِ، أي الأمين العامّ، إلى أسفله القياديّ. بالإضافة إلى “المنشآت الاستراتيجيّة” من قواعد ومنشآت عسكريّة ومخابئ عسكريّة.
على سبيل المِثال، يعتبَرُ عنوان وتفاصيل الدّخول والخروج وحتّى فتحات التهوئة في مقرّ القيادة المركزيّة للحزبِ. حيثُ اغتـ ـيل الأمين العامّ الرّاحل الشهـ ـيد حسـ ـن نصرالله، من صلب عمل الوحدة.
كذلكَ المقرّ العامّ لاستخبارات “الحزبِ” حيث اغتـ ـيلَ رئيس المجلس التنفيذي هاشم صفيّ الدّين ورئيس وحدة الاستخبارات حسين هزيمة (مرتضى) في منطقة المريجة، ومعهما مسؤول وحدة “الأماكن” “الحاج عادل”.
بحسب المعلومات، تعملُ “الأماكن” بطريقة معقّدة لا تسمَح لقادة الوحدات الأخرى الاطّلاع على الأمكنة التي تعنى بها سائر الوحدات.
فعلى سبيل المِثال يستطيع قائد عمليّات “وحدة الرّضوان” الرّاحل إبراهيم عقيل أن يطّلع على الدّاتا التي تعنى بها وحدَته مثل مقرّ الاجتماع الذي استهدِفَ فيه في 20 أيلول الماضي أو مقرّات تدريب “الرّضوان”.
لكنّه في الوقت عينه لا يستطيع على الإطلاق أن يطّلعَ على الأماكن التي تُعنى بها وحدة “نصر” المسؤولة عن عمليّات القِطاع الشّرقيّ في جنوب لبنان.
الوحيدون الذين كانَ لهم الاطّلاع على داتا الوحدة هم: السّيّد حسـ ـن نصرالله، ومدير مكتبه وأمين سرّه سمير توفيق ديب (الحاج جهاد)، ورئيس المجلس التنفيذي هاشم صفيّ الدّين، ومسؤول الوحدة محمّد علي بحسون (الحاج عادل)، وعددٌ محدود من مسؤولي الوحدة ومنهم الحاج حمزة السّبلاني.خوادم لحفظ المعلومات
للحفاظ على سرّيّة معلومات الوحدة كانَت كلّ المعلومات محفوظة في خوادم توجد في مقرّ الأمانة العامّة التي كانَ مقرّها أسفل 6 مبانٍ في منطقة حارة حريك على عمقٍ يزيدُ على 30 متراً.
وجديرٌ بالذّكر أنّ مقرّ الأمانة العامّة للحزبِ شيّده وأشرفَ عليه بكلّ تفاصيله مسؤول الوحدة محمّد علي بحسون.
كما تشير معلومات إلى أنّ أحد المسؤولين في الحزبِ محمّد سليم (أبو عبدو) الذي فرّ إلى إسـ ـرائيل في عام 2010، لم يكن مسؤولاً أمنيّاً كما أشيع حينذاك، بل كان مسؤولاً عن تركيب وصيانة كلّ فتحات التهوئة في المراكز والمقرّات القياديّة والعسكريّة.
بينما هو يعمل ضمن هيكليّة وحدة “الأماكن”. وقد كان بحوزة سليم كلّ خرائط التهوئة والتجهيزات الميكانيكيّة في المنشآت والمراكز، لأنّه المشرف على التركيب والصّيانة، وقد سلّم كلّ الخرائط للاستخبارات الإسـ ـرائيليّة.
وذلك بعد اكتشاف تهريب بحسون لخرائط التهوئة، تقرّر تغيير وتعديل شبكات التهوئة في المنشآت، والإبقاء على بعضها على حاله من دون اتّخاذ إجراءات واسعة لتغيير المراكز الأساسيّة نظراً لكبر حجمها وصعوبة نقلها. كما أنّ “الحزب” كان يعتقد أنّ عمق المركزين اللذين يوجد فيهما نصرالله وصفي الدّين عصيّ على الاختـ ـراق بالقـ ـصف.
كذلكَ لم يعُد سرّاً أنّ تل أبيب استطاعت اختراق شبكة الاتصالات الدّاخليّة للحزبِ والتنصّت عليها في الجنوب والبقاع والضّاحية وأيّ بقعة فيها هاتف موصول بالشّبكة.
هذا ما دفع مسؤول الأمن الوقائي في “الحزبِ” الشّيخ نبيل قاووق التعميم على كلّ المسؤولين والعناصر تجنّب استخدام الشّبكة إلّا للضرورة القصوى، قبل أن يقع هو ضحيّة “داتا الأماكن” بعد استـ ـهدافه داخل شقّة في الضّاحية الجنوبيّة.
المسؤول عن خرق شبكة الاتصالات الأرضيّة كانَ أحد قادة وحدة “الإشارة”، ولا تزال هويّته سرّيّة، لكنّ الأكيد أنّه فرّ إلى داخل إسـ ـرائيل.
وبسبب الخرق وجّه قاووق بضرورة استعمال أجهزة البيجر أو أجهزة الاتصال اللاسلكيّة ذات الموجة القصيرة للتواصل، على أساس أنّها أكثر أماناً. لكنّه تبيّن في “واقعة البيجر” أنّه حتّى هذه الأجهزة كانت مخترقة ومتعقّبة ومُفخّخة أيضاً.
تكامل الاختراق في الأماكن والإشارة
مارست إسـ ـرائيل تصعيداً تدريجيّاً في اغتـ ـيال قادة الحزب العسكريين. بدأت المرحلة الجدّيّة من الاستـ ـهدافات بالغـ ـارة التي طالت اجتماعاً لعدد من عناصره (الحزبِ) في شهر تشرين الثّاني 2023، وكانَ من ضمنهم سراج رعد (نجل النّائب محمّد رعد) والقياديّ في وحدة “الرّضوان” خليل جواد شحيمي في أحد منازل بلدة بيت ياحون.
كما تقول مصادر إنّ المجموعة المذكورة كانت قد انتقلت إلى منزلٍ جديد قبل ساعات من استـ ـهدافها، وذلك كإجراء احتياطيٍّ بعدما استـ ـهدفت الطائرات الإس.ـرائيليّة بعض غرف العمليّات في المنطقة الحدوديّة.
وذلك بعد وصولِ العناصر إلى المنزل المذكور، رنّ جرسُ الهاتف المربوط بشبكة الاتصال الدّاخليّة للحزبِ، وكانَ المتّصل إسـ ـرائيليّاً، وحين تأكّد الإسـ ـرائيليّون من وجود العناصر داخل المنزل بعدما ردّ على الاتصال، ضربَت طائرة حـ ـربيّة المنزل مباشرةً.
أكّدت هذه الحادثة للحزبِ وجودَ خـ ـرقٍ في شبكة الاتصالات الدّاخليّة، أو ما يعرف بـ”سلاح الإشارة”.
اغتـ ـيال ولا هواتف
في حزيران الماضي، استهدِفَ منزلٌ في بلدة جويّا في قضاء صور، كانَ يوجد فيه قائد وحدة “نصر” طالب سامي عبدالله (أبو طالب) المسؤولة عن عمليّات القطاع الأوسط في جنوب لبنان.
وما أثارَ قلق الحزبِ يومها أنّ “أبا طالب” لا يستعملُ أيّ هواتف ثابتة أو جوّالة. ولا يوجد أساساً في أيّ مكانٍ فيه هاتف جوّال.
وهذا يرجّح فرضيّة أنّ إسـ ـرائيل كانت تراقب ما يفترض أنّه مقرّ سرّيّ لاجتماع أبي طالب مع مسؤولي وحدة “نصر”.
منذ اغتـ ـيال “أبي طالب” كرّت سبحة الاغتـ ـيالات الرّفيعة واسـ ـتهداف المراكز السّريّة مثل مقرّ اجتماع إبراهيم عقيل وقادة “الرّضوان” في الطّوابق السّفليّة لأحد مباني منطقة الجاموس في الضّاحية الجنوبيّة بعد 3 أيّام من “واقعة البيجرز” وإعلان نصرالله أنّ الرّدّ على العمليّة سيكون محصوراً بالدّائرة الضّيقة جدّاً.
كما أكّدَ كلام نصرالله أنّ “الحزبَ” باتَ على قناعةٍ بوجودِ خرقٍ على مستوى غير عاديّ.
جاءَ يوم السّابع والعشرين من أيلول الماضيّ. دوّت في الضّاحية وبيروت وصولاً إلى الجبل سلسلة انفـ ـجاراتٍ وصِفَت بالأعنف منذ بدءِ التصعيد بين الحزبِ وإسـ ـرائيل.
كانَ الهدف مقرّ القيادة الرّئيسيّ للحزبِ الواقع أسفلَ 6 مبانٍ في الضّاحية الجنوبيّة. حيثُ يوجد الأمين العامّ حسـ ـن نصرالله ومعه عددٌ من القياديينَ ومسؤول لبنان وسوريا في الحرس الثّوريّ العميد عبّاس نيلفروشان.
إسـ ـرائيل كانت تعلم
استـ ـهداف مقرّ قيادة “الحزبِ”، الذي يعتبرُ سرّيّاً للغاية، يؤكّد أنّ تل أبيب تعلمُ بكلّ مراكزِ الحزبِ وبمداخلها ومخارجها وفتحات التهوئة، ومن يوجد داخلها ومتى.
وهذا أعطى مؤشّراً إلى أنّ إسـ ـرائيل قد تكون استطاعت أن تخترق قلبَ المراكز بالتنصّت والمراقبة الدّاخليّة، خصوصاً أنّها أعلنت وفاة وأسماء الموجودين مع نصرالله أو مع صفيّ الدّين بعيد الاستـ ـهداف.
كما يضاف إلى ما سلف محاولة اغتـ ـيال مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا بغـ ـارتَيْن متزامنتَيْن على مبنيَيْن في النّويري والبسطة الفوقا.
وهذا يعني أنّ إسـ ـرائيل كانت تسـ ـتهدف المقرّيْن اللذيْن يستعملهما صفا في حالة الحـ ـرب أو الخطر بحسب ما هو مُقرّر في وحدة “الأماكن”. إذ لو كانت إسـ ـرائيل متيقّنة من وجوده في أحد المبنيَيْن لكانت استـ ـهدفت المكان المؤكّد لا الاثنيْن بالتّزامن.
هل كانت إسـ ـ ـرائيل تعتمد تكامل “الأماكن” و”الاتصالات” وما وفّرته “البيجرز” من معلومات؟ أم هناك فصول جديدة قد تتكشّف؟
المصدر: أساس ميديا