محطة “بسمنة” ومحطة “بزيت” وكلّ “يُشيِّش” ويُشمِّع على هواه
كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
أسقطت المنصات بضربة تجار السوق القاضية، وفشلت معظم البلديات في إدارة ازمتها، وبدلاً من السعي لاراحة الناس “طنشت” وتركت الامور على طبيعتها، فيما المحطات اغلقت ابوابها بالرغم من ان تسعيرة الـ209 آلاف لم تفتح شهيتها على انزال خراطيمها المرفوعة، بإنتظار رفع الدعم.
فالمحطات التي فتحت وعددها لا يتجاوز أصابع اليد، عادت واقفلت بقرار الدولة، فيما المواطن عاش الذل المضاعف، ينتظر ولا امل بالحصول على البنزين.
حتى الـ200 ألف ليرة لن تطيح بالطوابير خلافاً لما يشاع، فالسوق متعطشة للمادة من جهة، والسوق السوداء نشطة من جهة اخرى، ما يعني أن لا حلحلة قريبة.
كان يعول أبناء حاروف على تشغيل منصة البنزين عبر إحدى المحطات التي تعاقدت معها البلدية كما باقي البلديات، غير أن الحماية الامنية لم تتوفر، وأرجئ الامر بطلب من محافظ النبطية الدكتور حسن فقيه الى يوم الجمعة وتم الاتفاق مع أمن الدولة على الامر. فالمحطة التي كانت عرضة للعديد من الاشكالات، اشترطت البلدية وصاحبها وحتى المحافظ عدم فتحها الا بحضور القوى الامنية التي مع الاسف، تقول مصادر مطلعة، “لم تلبّ طلب البلدية ولا المحافظ او حتى صاحب المحطة، غير أنها نفسها تحضر على وجه السرعة تلبية لاتصال من تاجر سوق سوداء رفض صاحب المحطة تعبئة خزان سيارته الامر الذي أثار حفيظة الجميع”.
دقائق لم تمض على اتفاق البلدية مع المحافظ وصاحب المحطة حتى باغتتها دورية من امن الدولة بحجة “التشييش” ووجود مخزون داخلها، وهي نفسها تدرك ان المخزون مخصص لمنصة البلدية، وان معظم المحطات مقفلة، اما لغاية التخزين او لانتظار التسعيرة الجديدة، فلماذا “السلبطة” على هذه المحطة تحديداً”؟
وفيما الناس تُذل على عدد من محطات اقفلت بحجة تعطل الماكينات وحرمتهم من نعمة البنزين المفقود من منطقة النبطية منذ أكثر من إسبوع، ودوريات قوى الامن لم تتحرك لاجبارها على الفتح وفق تسعيرة الـ209 آلاف، كانت عناصر أمن الدولة تفرض هيبتها على محطة في حاروف وتجبر صاحبها عنوة على الفتح والبيع وفق السعر القديم، بالرغم من أن التسعيرة الجديدة كانت قد صدرت وهو ما دفع بالبلدية للتحرك لدى امن الدولة واخبارها ان المخزون لها وان هناك 4000 سيارة لابناء البلدة تنتظر، ولكن المصادر المعنية تشير الى أن القوى الامنية لم تبال بل اتصلت بالقاضي رمزي فرحات الذي اصدر قراراً بتشميع المحطة بحجة حدوث اشكالات عدة عليها، وكان آخرها بين تاجرين من السوق السوداء اثناء اقفالها.
بالفعل، صدر قرار التشميع وحرم ابناء البلدة من مصدر البنزين الوحيد، علماً أن محافظ النبطية تعهد بتأمين الحماية للمحطة. فلماذا حصل ما حصل ولماذا يجري التعامل مع محطة بسمنة ومحطة بزيت؟ أو كما تقول المصادر المعنية، استغلال المحطات لمصالح ومآرب شخصية من بوابة “التشييش” على الخزانات، بحيث يعمد بعض العناصر الى إبتزاز صاحب المحطة عن طريق “تفويلة” من هنا، وغالونات للقطعة من هناك. بمعنى ادق، كما تصفها مراجع موثوقة في المنطقة، تحولت الاجهزة الامنية قطاع طرق محطات، وتحديداً مع اصحاب المحطات “ضعاف الشخصية”.
ويشير صاحب احدى المحطات الى انه طلب حماية الاجهزة اكثر من مرة، “هم أنفسهم الذين يتسلبطون على المحطة لتفويل سياراتهم، ولكنهم لا يتجاوبون، بل على العكس يديرون الاذن الطرشاء، وحين يأتيهم بلاغ من احد تجار السوق السوداء بأننا نرفض الفتح لان لا حماية لنا، يهرعون للتشييش والتهديد بالتشميع، كل ذلك كرمى لعيون تاجر البنزين الاسود، ولكن كرمى لحماية الناس والمحطة لا يتحركون”.
ووفق المعطيات، فإن دركياً يمتهن تجارة بنزين السوق السوداء، يحضر يومياً الى المحطة لملء خزان سيارته، لبيعها بالسوق السوداء، وحين تكون المحطة مقفلة يتصل بالاجهزة الامنية التي تهبّ لنجدته، وإجبار صاحبها على الفتح، وهم انفسهم الذين يرفضون الحضور لتأمين المحطة. وتلفت المعلومات الى ان “العنصر الامني هدّده بأنه سيشمّع المحطة، بل ويحرض الناس لافتعال مشاكل”.
وتسأل المصادر المتابعة “كيف يمكن تفسير حماية الأجهزة الامنية لتاجر سوق سوداء وتسهيل مهمّة حصوله على البنزين عنوة، بالمقابل لا تقوم بمهمّة حماية المحطة والناس”؟ وهنا ترفع المصادر من سقف تساؤلها عن سرّ تقاعس الاجهزة بالقيام بدورها، ولماذا لا تتعامل مع كل المحطات بالطريقة نفسها؟
المصادر المحلية تشير الى أن “الاجهزة الامنية تعمل على تصفية حساباتها مع صاحب المحطة الذي كشف قبل مرة عدم صحة ادّعاءات شمّعت محطته وأدّت الى تراجع القاضي عن قراره، وتصرف الأجهزة اليوم واعادة تشميع المحطة يندرج في هذا السياق”، وأنه “يوجد أكثر من جهاز داخل الجهاز، وكل جهاز يتصرف على هواه، والا كيف يمكن تفسير موافقة مسؤول مكتب جهاز على تأجيل فتح المحطة لنهار الجمعة وحضور دورية للتشييش واجباره على تعبئة بنزين على السعر القديم، بالرغم من صدور التسعيرة الجديدة وحرمان الاهالي من حقهم”؟
ووفق المصادر نفسها “فإن الاجهزة الامنية، تسعى لتصفية حسابات شخصية لا اكثر، علماً ان محطات كثيرة في النبطية تملك مخزوناً كبيراً من البنزين والمازوت معلومة لدى الاجهزة ولكنها لا تتعاطى معها لأن اصحابها مدعومون، أما غير المدعوم فيضطر لمواجهة عسف الاجهزة وقراراتها”. وبحسب مرجع محلي فـ”إن أغلب المحطات اقفلت اليوم، فلماذا لم تجبرها على الفتح ووقف ذل الناس، أم انهم يرون بعين من دون أخرى”؟
واكثر ما يثير سخرية المصادر هو “الخلاف بين القوى الامنية وامن الدولة من يملك احقية التشميع، فالاولى بادرت الى التشميع ثم فكّته بحجة أنه من صلاحية امن الدولة، ما يعني أن كل جهاز يحمي ملعبه”.
بالمحصلة، أثبتت بعض الاجهزة انها الداعم الاكبر لتاجر البنزين الاسود، وانها تغلّب مصلحتها على ما عداها، ومن يعترض يشمّع بالشمع الأحمر وهو ما يضعه الاهالي بعهدة وزير الداخلية الجديد، الذي يعول عليه لوضع حد لهذه الممارسات